Uncategorized

مدينة شهبا حيث الحضارة باقية

مدونة شبابيك _ ريم الاباظة:

 

 

هناك من جبال السويداء الشامخة يفوح عبق المجد والأصالة حيث تتربّع تلك المدينة العريقة “شهبا”، بآثارها شواهد التاريخ وأهلها رمز الكرامة والجود.

“شهبا أو فيليبوبولس” مدينة في محافظة “السويداء” جنوب سوريا تقع على بعد 85 كيلو متراً إلى الجنوب من مدينة “دمشق”، وهي مدينة جبلية تقع على أحد تلال جبل العرب وتحيط بها الجبال والتلال، مناخها معتدل صيفاً بارد في الشتاء، وقد سمّيت “فيليبوبولس” نسبة إلى الإمبراطور الروماني “فيليب العربي” ابن مدينة “شهبا” الذي حكم الإمبراطورية الرومانية.

تجاور المدينة أربع تلال على صف واحد من جهة الغرب، تضمّ المدينة على أغلبية من الموحدين الدروز وأقلّية مسيحية كبيرة.

 

 

يعود تاريخ مدينة “شهبا” إلى العصر الحجري ولقد بيّنت التنقيبات الأثرية عن آثار إنسان العصر الحجري في مناطق عديدة مثل منطقة “تل شيحان، والغرّارة، وتل الجمل” ووجدت الأدوات الصوّانيّة التي كان يستخدمها في عدّة مواقع حول المدينة، وهناك العديد من الكهوف والمغر والتشكيلات الطبيعية في محيط المدينة التي كانت موطناً ومسكناً للإنسان القديم، وفي عام 333 قبل الميلاد وقعت “شهبا” تحت حكم الإمبراطورية اليونانية والمكدونيين وكذلك البيزنطيين، ومن بعد ذلك العرب الأنباط والرومان ولعبت دوراًا هامّاً في كافة الحضارات التي مرت على المنطقة.

 

تاريخ مدينة “شهبا”:

إنّ الفترة الحضارية الهامّة من تاريخ “شهبا” هو عصر الإمبراطورية الرومانية في عهد الإمبراطور “فيليب” المعروف بـ “فيليب العربي” وهو أحد الأباطرة السوريين الذين حكموا “روما”، وهو روماني ولد في مدينة شهبا وأصبح إمبراطوراً على “روما” عام 244 م، زاد الاهتمام بالمدينة وجعلها تضاهي أهمّ المدن في الإمبراطورية فأقام المعابد والقصور والمسارح والحمامات الرومانية وأحسن تخطيطها وعمرانها لتصبح نموذجاً للمدن الرومانية، مثل شوارعها المرصوفة مثل شارع “ديكومانوس” والبوابات الأربعة في الغرب والشرق والشمال والجنوب وهي عبارة عن مداخل للمدينة ما زالت قائمة حتى اليوم، وآثار ومبانٍ إدارية وسكنية، ونشطت الحركة العمرانية والتجارة، وجُعِل من “شهبا أو فيليبوبولس” مركزاً هامّاً للقيادة على مستوى الإمبراطورية الرومانية.

والجدير بالذكر أن “شهبا” مدينة أثرية متكاملة حيث تقف الكثير من أوابدها شامخة حتى يومنا هذا، وتدلّ على حضارة مزدهرة قامت على أرض “شهبا” أنارت الدنيا في يوم من الأيام فهي من المدن الرومانية الهامة ونموذج رائع للمدن التاريخية بكل مقوماتها، وأثارها تدلك على عظمتها وتاريخها بكل وضوح، ومن آثار المدينة:

“البوابات وهي مداخل المدينة الأربعة من الشمال والجنوب والشرق والغرب، الشوارع الرومانية المرصوفة، المسرح الروماني، الحمامات الرومانية، القلعة “قلعة شهبا”، المعابد ودور العبادة، الكليبة “المعبد الامبراطوري”، الفليبيون، المتحف ويضمُّ لوحات الفسيفساء من أجمل وأندر لوحات الفسيفساء في العالم التي تتميّز أنّها مازالت في المكان الذي بنيت فيه وقد بني المتحف فوقها، المباني الإدارية والمساكن”.

 

كما أنَّ مدينة “شهبا” حديثاً بموقعها تعدُّ مركزاً لعدد من البلدات والقرى التي تتبع لها محافظة “السويداء” مما يجعلها منذ الصباح الباكر مدينة تعجّ بالحركة والنشاط، وقد تطوّرت المدينة عمرانياً وتجارياً بشكل ملحوظ حيث تجد فيها المباني الحديثة والڤلل السكنية الراقية بجوار المباني الأثرية والتاريخية.

تشتهر “شهبا” بزراعة الأشجار المثمرة ومن أهمّها العنب والتفاح والتين والإجاص والعديد من أشجار الفواكه وكذلك الزيتون، وتجارياً تنتشر المحلات التجارية بكافة أنواعها عبر الشوارع الرئيسية وبها عدد من المجمعات التجارية والعديد من الصناعات التقليدية ومراكز خدمات اجتماعية وعلمية وصحّية ومركز ثقافي وتجمّع لكافة الدوائر الحكومية.

ومن المنتوجات التي يدخل في إنتاجها الزيتون مثل زيت الزيتون وصابون زيت الزيتون البلدي، وهناك العديد من المنتوجات التي يدخل العنب في إنتاجها مثل دبس العنب والزبيب والعرق “مشروب كحولي” والخل والنبيذ، ويوجد في “شهبا” العديد من الزراعات الأخرى من فواكه وخضراوات كالتفاح والتين واللوز والكرز، وبعض الحبوب كالقمح والشعير والعدس، فأرضها بركانيّة خصبة صالحة لعديد من الزراعات، وتعطي محاصيل ذات جودة عالية.

 

هكذا لمعت حروف الحضارة لتخلّد اسم هذه المدينة الجميلة التي تُعدُّ عنواناً للازدهار الاقتصادي والاجتماعي والأثري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة | شركة سيو