كيف نجيب أطفالنا على الأسئلة المحرجة؟
“أمي، كيف دخلت إلى بطنك؟، وكيف خرجت؟، وما علاقة أبي بولادتك؟”
أسئلة كثيرة يتلقّها الأهل من أبنائهم، في سنٍّ معيّنة، وكأنّها لطمة على وجههم لا يعرفون إجابتها، أو تكون الإجابة مبهمةً أكثر من السؤال، هل نفتفد التربية الجنسية أم أنّنا نخشاها؟
اعتماد الكذب هي المحاولة المعروفة وغير المقنعة للإجابة على أسئلة تحرج الأهل، ممّا يدعو الأطفال للهروب خارج المنزل بحثاً عن إجابة، يتلقّاها بطريقة خاطئة، حيث تبيّن الإحصاءات أنَّ مصادر الإعلام الجنسي غالباً ما تكون على يدِ الأقران وليس الوالدين.
الشائع ارتباط الجنس بالإثم، والتحذيرات من قبل الأهل التي تدعوا الأطفال إلى الفضول الجنسي بشكل كبير، وسؤال ماذا سيحدث إن فعلت ذلك، وهنا قد تكون الإجابة “مازلت طفل عندما تكبر ستعلم”، وهل الجنس مناقضٌ حكماً للبراءة والطفولة؟.
أذكر منذ فترة إنَّ فتاةً قد حاولت الانتحار عندما وجدت نقاطاً من الدم على ثيابها، فوراً بدأت التساؤلات ألم تخبرها أمُّها عن الدورة الشهرية، هل ما زالت الأمُّ تعتمد على الصدفة أو التلميح فقط، الدورة الشهرية من أبسط الأمور التي يجب أن تعلمها الفتاة بطريقة علمية لاسيما قبل البلوغ.
وكذلك الإعلام الجنسي العائلي، الذي يجب أن يكون على مراحل وطرق متعدّدة، حيث أنَّ تطوُّرَ الولد يستدعي في كلِّ مرحلة عودة إلى الموضوع تتناسب مع المستوى الأرقى الذي بلغه عقله.
بشرطية المناخ الحواري بين الوالدين والأولاد، فالحوار كفيل بسير العلاقة الناضجة إلى مقياس الممارسة الجنسية المكتملة، وهي مقياس لكلِّ سلوك إنسانيّ أصيل، و لا يقتصر الموضوع على الإعلام الجنسي، بل يترافق بالتنشئة التي تقوم على تنمية طاقة الحبِّ، وهذه التنمية كفيلة بحدِّ ذاتها بضبط الجنس وتهذيبه وفقاً للمتطلبات الإنسانية.
ينتظر الطفل بفطرته دخول عالم والديه، ويعتزُّ أنّه من بطن أمّه، وقد يبدأ بالتفكير عندما يجد أنّه بحجم لا يتّسع له بطن أمّه، ولأنَّ عالمه الأوّل هو الوالدان، فستكون الحقيقة لديهما، وقصص اللقلق و السماء التي أرعدت ستفقد الثقة بين الأهل والطفل الذي يدرك بذكائه أنّ لغز الحياة في قبلة الوالدين، وإنّ القبلة ستُذهِب حتّى الألم، وعند النضوج سيكون الحبِّ الجسدي أحدَ عناصر الحبِّ الزوجيّ وتقبّل الولد لجسده ممّا يضعه على الخطِّ الإيجابي، قد لا تكون الإجابة مثالية أو كافية لكن من الضرورة أن لا تكون كاذبةً أو خرافةً ما، وكثيرة هي الانحرافات والمشاكل التي نجدها عند الأولاد الذين لا يحصلون على إجابة صادقة ولا يشعرون بمقدار حبٍّ في عائلتهم منها الكبت الجنسي، أو النفور من الجنس، أو تأجيج الفضول الجنسي، حيث تقول الباحثة الاجتماعية “كوستي بندلي”:
«الطفل الذي ينال أجوبةً صحيحةً وواضحة عن أسئلته يحظى باطمئنان يخفّف من حدّة فضوله الجنسي الذي يزكّيه القلق، وبقسطٍ من الإشباع الغريزي يكفيه ليتخطّى هاجسَ المعرفة الجنسية، وليسمو بطاقة الفضول الجنسي عنده، موظِّفاً إياها في ميادين أخرى تتناول سائر أنواع المعارف والاختبارات، إنَّ الشغف الطفلي بالمحجوب المتفرّع عن تأجُّج الفضول الجنسي المقموع قد يترك آثاراً عند الراشد يتجلّى في ولعه بالتعاطي مع الخفايا، وصغير الفضائح وكبيرها».
ومن عوارض عدم معرفة الولد بالتربية الجنسية الصحيحة اضطرابات بالسلوك كالشرود، والسرقة، والكذب، القلق، وما يثيره من عدوان، بالإضافة الى اللانضباط المدرسي أو عدم استخدام ذكائه في المدرسة بسبب عدم حصوله على أجوبة، فيقرِّر أن يأخذ سلوك الخمول ولا يستعمل ذكاءه، خاصّةً إن دخل في مرحلة الكبت الجنسي ومفهوم “العيب” البعيد عن تطوّرات العلم ولا يكترث بالعواقب بل يعتبر أنّه صحيح، وهذا هو الغالب على جميع أشكال التربية التقليدية التي تزرع الخوف والكبت، وتُولِّد جيلاً بسلوكٍ جنسيٍّ غير سليم.
إعداد : راوية دياب