لما القيم تصنع الشعر بالكلمة والأحجار الكريمة
“لما القيم” شاعرةٌ سوريةٌ من مدينة اللاذقية تخرج كلماتها من قلبها إلينا تجعلنا نبتسم، ونتخيّل، ونحلم لها عدّة قصائد مغنّاةٍ، وتتميز بأنها تكتب بسلاسةٍ، والنتيجة تكون شعراً من النوع السهل الممتنع.
لنتعرف أكثر على “لما” الشاعرة، والأم، والمرأة، ومؤخراً خبيرة تصميم الاكسسوار بالأحجار الكريمة.
1. عن لما القيم ، من وجهة نظر قلبها، ومشاعرها بعيداً عن الصورة النمطية؟.
_”مازلتُ حتى اليوم أحاول جهدي للتعرف على “لما” جزءٌ كبيرٌ منها مازال مجهولاً بالنسبة لي طفلةٌ أنا، تسلّحتُ بضعف الذاكرة كما أنني أنسى الطريق إلى الزوايا الداكنة، نسيتُ كيف تبكي النساء على النساء، وعلى كل الأشياء، هناك خصامٌ بيني، وبين كل مايمكن أن يشحذ ملامحي، ويغيّر اللين، والرهافة فيها.
لم أتعلم بعد كيف أصير أماً، فأنا ابنة أطفالي عنيدةٌ جداً كطيرٍ جارحٍ يتربص بفريسته مثابرةٌ جداً، وأعشق العمل، وبداخلي رجلٌ شديد البأس والصبر، وأنثى تكسرها كلمةٌ، وتعمّر روحها كلمةٌ مجموعة متناقضاتٍ، هذا كل ما أعرفه.
ولا أرى فرقاً بين “لما” على أرض الواقع، و”لما” على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الشعر”.
2. ما علاقة الشعر بالأحجار الكريمة؟.
_”الحجر الكريم قصيدةٌ من صنع الله، وضعها في ديوانٍ عظيمٍ اسمه الأرض والطبيعة انتبه الإنسان للدهشات الكامنة بين سطورها تماماً كالأبيات التي غربلها الزمن من قصائد الأولين، وبقيت زينة لغتنا حتى يومنا هذا.
كل شيءٍ في هذا الكون مسكونٌ بالشعر، فشعوري واحدٌ حين أنهي قصيدةً، وحين أنتهي من تصميم قطعةٍ من الأحجار الكريمة، فعملي شعرٌ لكن بطريقةٍ أخرى”.
3. يقال الفن لا يتجزأ، لكن متى، وكيف بدأت فكرة مشروع تصميم الإكسسوار؟ وما أهمية عرض منتجاتك في التكية السليمانية؟.
_”كامرأةٍ تعشق الفضة، وواجهات المحال والصاغة في الشام القديمة -تشدها كما شدّ وهج عود الثقاب بائعة الكبريت تغرق في تفاصيل التفاصيل الساكنة في قطع الأنتيكا، والفضيات، والمجوهرات التراثية وغيرها، فكان لابد لهذا الشغف أن يترجم بطريقةٍ ما، ولكني _وبكل أمانةٍ_ لم أكن اتوقع أن يصبح هذا عملي كوني لا أملك تجربةً سابقةً، ولا خبرةً في هذا المجال لا من قريبٍ، ولا بعيد.
القصة بما فيها أنني تعرضت لكسرٍ منعني من العمل، والحركة لمدةٍ طويلةٍ، وأنا أمٌ تربي ابنها، وابنتها، ومسؤولةٌ عن تأمين حياةٍ كريمةِ لهما، ولا أستطيع في أي شكلٍ أن أبقى دون عملٍ.
حصل ذلك بالمصادفة المحضة، وبسبب الملل، وكي أشغل نفسي عن ألمي، وعن التفكير بدأت أفرط ما لدي من قلادات الأحجار الكريمة، وأعيد تشكيلها أساورَ وخلاخلَ وأقراطاً، وهنا كانت بداية فكرة عملي الحالي بالمجوهرات التقليدية والاكسسوار.
سوق المهن اليدوية في التكية السليمانية نافذةٌ مهمةٌ، وبطاقة تعريفٍ بعملي بين أصحاب الباع الطويل، والخبرة في هذا المجال”.
4. حدثينا عن تجربتك مع “مدى”؟.
_”مدى” بيتي الكبير الذي أحبه، وأدين له بالكثير، العمل التطوعي يصقل الروح، ويشذّبها، العمل الجماعي_وخصوصاً في زمن الحرب_ يثبّت أقدامنا، ويجعل من قلوبنا أوطاناً آمنةً مأهولةً بالمحبة، والقدرة على العطاء.
مع “مدى” كنا نقوم بفعل المقاومة نحارب على الأرض؛ ليبقى للكلمة فعلها، ومفعولها، جاهدنا بكل ما أوتينا من حبٍ لنرفع من سوية العمل الثقافي في مجتمعٍ بدأ يتداعى بسرعةٍ مهولةٍ؛ لنرسّخ النوع ونبتعد عن الكم، وملء الفراغات كيفما اتفق.
تنجو الشعوب من تداعيات الحروب بالثقافة النوعية أولاً، وبتفعيل دور المجتمع المدني؛ لبناء جدارٍ متينٍ يستند عليه الحاضر، والمستقبل مع “مدى” تعلمت أن أعظم مايمكن أن تأخذه، وتكسبه هو أن تعطي”.
5. ما أهمية ألبوم تموز، وبخاصةٍ أغنية “تموز” كعملٍ بتوقيع اثنتين من السيدات؟.
“تموز” ليست التجربة النسائية الأولى لي، فأولى قصائدي التي غُنيّتْ كانت قصيدةٌ فصحى بعنوان تزنر بعطري، لحنتها، وغنتها العزيزة “فايا يونان”، وهي قصيدةٌ تحاكي واقع المرأة العربية، ومكانتها في الحروب، والظروف التي تمر بها بلادنا،
و “تموز” عملٌ أراهن عليه للمستقبل، هو ليس أغنيةً، وحسب، فهو بالنسبة لي تحدٍّ لموجة الفن التجاري، ورهانٌ حقيقيٌ على رفع ذائقة المتلقي، وأنا أؤمن جداً بقدرة النساء على الخلق، والتغيير، فكيف إن كنّ سورياتٍ يمتلكن أرواحاً محاربةً لا تعرف، ولا تعترف بالهزيمة.
شهر تموز شهرٌ مرتبطٌ بقدوم الصيف بكل ما يحمله من خصبٍ، ونضجٍ للطبيعة، وهو إله الرعي والزراعة، وتقول الأسطورة إن “الإله تموز” وقع في غرام إلهة الخصب، والحب والجمال “عشتار”، وبعد منافسةٍ مع الكثيرين من خاطبي ودها، والمتوددين إليها، ونجح “تموز” في إقناع “عشتار” بالزواج منه، وعاش الاثنان في نعيمٍ، وأُطلق على بيتهما اسم “بيت الحياة”، إذ جمع هذا الزواج المقدس بين إلهة الحب والخصب، وإله الرعي والنباتات (الطعام)، وبذلك اختزلا أساس الحياة، ومن هنا أتت التسمية”.
6. حدثينا عن التعاون مع “ميس حرب”، وهل من أسماءَ أخرى غيرها سيتم التعاون معها قريباً؟.
_”ميس حرب” قبل أي شيءٍ إنسانةٌ رقيقةٌ ولطيفةٌ تشبه فنها وصوتها، استغربت بدايةً جرأتها في اختيار نص “تموز”، وكنت أعلم أنها مغامرةٌ في زمن الاستسهال لكن النتيجة كانت مرضيةً جداً بالنسبة لي، وأستطيع اعتبار هذا العمل إنجازاً حقيقياً لي ولها.
بالطبع هناك أغانٍ قادمةٌ مع عدة أسماء منها سوريةٌ وعربيةٌ، الأقرب توقيتاً تعاون مع الجميلة الفلسطينية “رلى عازر”، وأما البقيةُ فلا أملك حق التصريح عنه، وأفضل أن نعلن عنه في وقته”.
7. ما التحديات التي تواجهك بوصفكِ امرأةً ذات شخصيةٍ واضحةٍ مستقلةٍ، وشاعرةٍ وسيدة أعمال بشكلٍ خاصٍ؟.
_”لا استقلال في وطنٍ نهشته الحرب؛ الحرب التي سرقت منا كل ما نملك، وتركتنا أسرى السعي وراء لقمة العيش، والبحث عن مسكنٍ آمنٍ لأطفالنا، وأجبرتنا أن نعمل الليل، والنهار؛ لنواجه هذا الدمار الاقتصادي، فسوق العمل ضعيفٌ جداً لدرجة أنه استنزف طاقاتنا، ووضعنا أمام خيارين، إما الاستسلام والانسحاب وإما المقامرة، والاستمرار رغم الخسارات، ولأنني من النوع الذي لا يستسلم قررت البقاء مهما كلفني الأمر، والشاعر الذي لايمتلك روح التحدي في جميع مفاصل حياته
ليس شاعراً، فإن أردت التحدث عن التحديات التي تواجه المرأة في بلادنا، وخصوصاَ العاملة لن ينتهي الحديث إطلاقاً”.
8. ما صعوبة التنسيق بين العائلة والحياة المهنية؟.
_”ربما كوني امرأةٌ مطلقةٌ تعيش، وأطفالها في منزل أهلها فهذا أمرٌ ساعدني نوعاً ما؛ لوجود والدتي الدائم معي، وأعطاني حيزاً لا يستهان به من الحرية، والقدرة على التركيز
في عملي، وتربية أولادي وهذا دَيْنٌ عظيمٌ لن أستطيع رده ككل ديون الأمهات التي لا يمكن ردها”.
9. أين تجد “لما” نفسها بعد عامٍ من الآن، وما الذي تركز على فعله؟.
_”أفضل التفكير في الوقت الذي أعيشه حاضراً، ولا أستسيغ فكرة الارتهان لأي شيءٍ حتى الزمن
أعمل كل ما أستطيع عمله الآن الحاضر هو أنا، والمستقبل أيضاً
لهذا السبب جلّ تركيزي على “لما”الآن
قلباً، وروحاً، وعملاً”.
إعداد وحوار : ميشلين وهبي