فن ومشاهير

ليال نعمة صوتٌ حنونٌ يخرج من حنجرة امرأةٍ ثائرةٍ

 

خياراتٌ راقيةٌ وإحساسٌ عالٍ لامرأة متعدِّدة المواهب، ما بين الصوت النقي والكلمة المؤثِّرة والألحان المُصاغة بكلِّ حبٍّ تلمع “ليال نعمة” نجمةً في سماء الفن، وإنسانةً طموحةً لا تعرف الاستسلام.

في لقاء حصري لمجلة شبابيك جمعنا مع ليال نعمة حوارٌ لطيفٌ دار حول النقاط التالية:

1. مَن تكون ليال نعمة بعيداً عن الفن؟

الفنُّ وخاصَّة الموسيقى جزءٌ لا يتجزَّأ من حياتي، هو المكان الذي أستمدُّ منه الطاقة والفرح والحرية والسلام، يشبهني هذا المكان وينعش روحي، كما أنَّه اللغة التي تجمع الشعوب وتجمع الناس وتوحِّدهم، وأنا أيضاً لا أحبُّ الحزن ولا الفراق، ولا أحبُّ الحقد، مسالمة بالطبع لكن عند الحقِّ أغضب، خاصَّة في حال وجود الظلم فتخرج من داخلي امرأةٌ رافضةٌ للظلم وثائرةٌ.

نظرتي دوماً إيجابية، ولطالما اعتبرتها ميزة لديّ، لكنَّها تسبِّب لي الألم أحياناً عندما أرى هذا الكمَّ من الشرِّ في العالم، وهذا الكمُّ من الأشخاص الذين يحملون بداخلهم الكثير من الحقد والضغينة، لكنَّني أعمل على تجاهل هذا الواقع، فأرى الأشياء الإيجابية في الأشخاص إلى حين اكتشافي العكس، ومع الخبرة يتعلَّم الإنسان الحذر، لكنَّ الطاقة الإيجابيَّة والسلام الدَّاخلي شيئان أحاول جهدي ألَّا أفقد أيَّاً منهما.

فضلاً عن دراستي الموسيقية، لقد حصَّلتُ شهادة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية والتنمية المحلية وعلم الاجتماع السياسي.

وفي مسيرتي قمت بعدَّة أعمال بعيداً عن الفنّ، وتراكمت خبراتي في الحياة وأضافت لي وأضفتُ عليها، فالإنسان يأخذ ويعطي في نفس الوقت.

عملت في مجال الإعلام لمدَّة معينة في لبنان وخارجه، وعملت بالإدارة في مؤسَّسات جامعية وشركات، كلُّ هذه الخبرات نحتت شخصيتي وكانت إضافةً وخبرةً لي بالعمل والتواصل مع جنسياتٍ مختلفةٍ، فعندما يعمل الإنسان في إدارة أشخاص يتعلَّم هو كيف ينظِّم نفسه، ويكون أيضاً ذا مسؤولية في عملية الإدارة.

أنا أيضاً أمٌّ وهذه نعمةٌ كبيرةٌ في حياتي وأجمل صفاتي، وأعمل جاهدةً لأكون على قدر المسؤولية في عائلتي الصغيرة، وكذلك الأمر في عائلتي الكبيرة كوني ابنة أولاً وأخت ثانياً، فالعائلة بالنسبة لي هي فرحة حياتي.

2. أهمية عائلتك ودورها في مشوارك الفني؟

عائلتي موسيقيَّة بامتياز وهي مساحة للجمال والحرية والطاقة والثقة بالنفس.

أشكر اللَّه كلّ يوم لأنَّني وُلدت في عائلةٍ فنيَّةٍ، فنحن مرتبطون بقلبٍ واحدٍ ومحبةٍ كبيرةٍ، وأشعر أنَّنا نتشارك روحاً واحدةً، فيكون نجاح الشخص هو نجاحٌ للكلِّ.

فالعائلة هي الأساس الصلب الذي يستند عليه الإنسان ويستمدُّ منه الطاقة والقوة ليتمكَّن من مواجهة الحياة بكلِّ ما فيها من فرحٍ وحزنٍ وقوةٍ وضعفٍ، وعندما يمتلك الإنسان أمَّاً وأباً معجونين بالحبِّ والحنان يكونان نبعاً ليغرف منه الحبّ بشكلٍ دائمٍ، فهو لن يتعثَّر أو يقع ولو تعرَّض لمشكلة لا تتمكَّن منه لأنَّه يستند على حبٍّ قوي فيعود لينطلق بقوّةٍ أكبر.

وأنا عندما أفكِّر بعائلتي أشعر أنَّني أطير في الأحلام فهي مكانٌ للحلم اللامحدود، فالحبُّ الذي يجمع العائلة هو الأساس لأن تحبَّ نفسك أولاً ومن ثمَّ الآخرين، لذلك أشعر أنَّني أحبُّ الجميع، وعندما أرى نجاحاً وجمالاً وإبداعاً فأنا أمدحه وأدعمه لأنَّ ذلك ما اعتدنا عليه وهو أن نعبِّر عن مشاعرنا.

عائلتي الكبيرة والصغيرة ودعمهم هو ما يجعلني أنجح بكلِّ ما أفعله، وبالتالي كلُّ ما أفعله يكون محمَّلاً بالحب لذلك هو يصل إلى القلوب.

3. كيف تنسِّق ليال نعمة بين كونها أم وزوجة وأخت مع كونها فنانة؟

كلُّ إنسانٍ له أدوارٌ متنوِّعةٌ، وهي لا تتعارض مع بعضها إذا تعلَّمنا كيف نعطي كلَّاً منها حقه.

حين أكون على المسرح فأنا ليال الفنانة، وحين أكتب أجرِّد نفسي من كلِّ شيءٍ فأنا الآن القصيدة التي تُكتَب فأصبُّ كل تركيزي عليها، وأيضاً حين أكون الأم أو الزوجة أو الأخت أو الصديقة.

هذا الشيء هو الطَّبيعي لكن المهمَّ هو التوقيت والتنظيم، والأهمُّ هو التركيز على الوقت الثمين الذي نعيشه من عمرنا والدور الذي نكونه في كلِّ لحظة لنعطيها كلَّ الصدق والحب.

4. متى كانت المرة الأولى التي قدَّمت فيها عرضاً غنائياً منفرداً؟

لا أذكر تماماً متى قدَّمت أول عرضٍ فنيٍّ بشكل إفرادي، لكن ما أذكره هو خدمتي في الكنيسة وتقديم الأمسيات في مناطق مختلفة من لبنان، ثمَّ عندما كنت أحصل دراستي الموسيقية في الجامعة انطلقنا إلى خارج لبنان وبدأنا بتقديم أعمالٍ فنيَّةٍ، وكان لي أدوار فردية وبدأنا بتقديم أعمالٍ فرديةٍ وأعمالٍ جماعيةٍ مع العائلة.

5. ما هو دور كنيستك في مشوارك الفني؟

كنيستي هي المكان الذي حقَّق لي النمو الرُّوحي والفكري والإنساني والاجتماعي، كوني أخدم في الكنيسة منذ الصغر مع إخوتي، وهذا الشيء قدَّم لي كثيراً.

أيضاً التعامل مع الشبيبة في الكنيسة والكورال بأعمارٍ مختلفةٍ وأدوارٍ مختلفةٍ، فاجتماعنا تحت سقف الكنيسة يشعرنا بالتساوي فلا فرق بيننا في نظر الله، وزاد ذلك من نمو روح العطاء خاصَّة عند تأدية بعض الأعمال الاجتماعية.

وكنيستي هي مكانٌ للفرح والطاقة الجميلة، وهذه الخدمة أعطتني ثقةً كبيرةً بأدائي خاصَّةً عند تعلُّم الترنيم الجماعي والمشاركة فأكون مجبرةً على التركيز لأسمع نفسي وأسمع الجميع من حولي لأتمكَّن من تأدية الصلاة بالشكل اللازم، فالترنيم هو عالمٌ خاصٌّ من حيث الجانب الرُّوحي للمتلقِّي والمرنِّم أيضاً.

أنا أشعر بفخر وفرح ولي ما يفوق العشرين ترنيمة خاصة.

6. التواجد في عائلة فنيَّة له الكثير من الإيجابيات، لكن ما الذي قد يحمله من عقبات؟ وكيف تدعمون بعضكم البعض؟

كوني من عائلةٍ فنيةٍ هو شيءٌ إيجابيٌّ بحتٌ لا أجد فيه أيَّاً من العقبات، فنحن نتكلَّم نفس اللغة، ونكون بنفس الروح، تجمعنا الموهبة والمحبة.

من المهمِّ جداً لأيِّ إنسان وخاصة الموهوب أن يجد الدعم من بيته، ويسمع التشجيع من أهله، وحتى بعض التقييم السليم لأنَّ كلَّ ذلك يكون حقيقياً وصادقاً.

فنحن لدينا تفاهمٌ كبيرٌ في هذا المجال وندعم بعضنا البعض كثيراً، ونتبادل الآراء ونشارك بعضنا بانتقاء الأعمال من حيث الكلمة واللحن والتوزيع فهذه نعمةٌ كبيرةٌ.

7. ليال نعمة ما هو مشروعك القادم؟ وما هو هدفك بعيد المدى؟

في الحقيقة كان لديَّ الكثير من المشاريع والأحلام، لكنَّنا في هذه المرحلة نشعر أنَّنا تعرَّضنا لانكسار الأحلام وللانهيار الشامل الذي يعاني منه لبنان، فضلاً عن الآثار الصحيَّة والاقتصاديَّة التي تسبَّبت بها جائحة كورونا على مستوى العالم.

هذه المرحلة علَّمتني أنَّ بعض المشاريع قد تتوقَّف لسبب خارج عن إرادتنا، لكن الاستسلام ليس خياراً، ففي هذه الفترة كتبت الكثير ولحَّنت الكثير حتى أنَّني سمعت بعض الأعمال من شعراء وملحِّنين وبعض الأعمال أصبحت جاهزة لكنَّها لم تبصر الضوء بسبب الظروف،

فأنا الآن أستغلُّ هذا الوقت لدراسة خطواتي لأكون مستعدَّةً عندما يحين الوقت المناسب.

8. ألا يوجد فكرةً لمشروعٍ مشتركٍ مع عبير مثلاً أو جورج؟

أجمل شيء بالنسبة لي ولا أستطيع وصف فرحتي عندما أقدِّم عملاً مع إخوتي كلِّهم، آخر ما قدَّمناه هو “رح نرجع نتلاقى” من كلماتي وألحان أخي جورج وأداء كامل أفراد العائلة، وأتمنَّى بالتأكيد أن نتمكَّن من تقديم عدد أكبر من الأعمال التي تجمعنا كلَّنا.

9. هل من الممكن أن تغنِّي شعر أحد غيرك؟ أم أنك تفضِّلين غناء كلماتك تحديداً؟

لدي العديد من الأعمال من كلمات كبار الشعراء فأنا لا أغنِّي قصائدي فقط.

في بعض الأحيان أقوم بالتلحين، لكن عندما أكتب لا أقوم بالتلحين والعكس صحيح، وهذا لا يمنع أن أسمع قصائدي وألحاني بأصوات فنانين آخرين.

10. هل لديك مشاريع خارج لبنان؟ هل من الممكن أن نراك في سورية قريباً؟

في الحقيقة، الخطط كثيرةٌ والمشاريع والأحلام لا تنتهي، لكنَّنا بحالة انتظار إجباري بسبب “كورونا”.

وأنا بالطبع أحبُّ أن أقدِّم أعمالي في كلِّ مكان، وفي سورية أيضاً لأنَّ الشعب يتميَّز بموهبة التذوُّق الراقي للفنون، وبالتعبير بكثير من الحب والتقدير للفنان الذي يحبُّه، وأتمنَّى أن أتواجد في سورية بأقرب وقتٍ ممكنٍ.

 

إعداد :ميشلين وهبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى