منوعات

عمر ميقاتي : “المسرح لا يموت” ، والحرب لا تزال تعيش في القصص على مسارح بيروت

هو وجه لبنان الجميل، الذي ما يزال يلتفت إلى جهود الشباب الطموح، شباب يسعى يوماً وراء يوم ليثبت أنه هنا، رغيفه الحلم ومائه الثقافة، وهل هناك قوت أكثر نفعاً لتنمية الروح من المسرح.. ؟

 

ابتكر كعادته رالف معتوق الفكرة والنص بينما نسج على ورقه حواراً يلامس قلبك، رالف الذي يشهد هذا المسرح لسنوات مرت على شغف وقوفه على الخشبة بطلاً على الرغم من معوقات هذه الصناعة في لبنان، ليصنع مازن سعد الدين من ذلك قالباً فنياً ينقلك به إلى مواقف تتذكرها من حياتك فتقف ولا تستطيع أن تمضي إلا وأنت محملاً بدمعة سبقتك رغم تمنّع الهدب، جسدت هذه المواقف الفنانة سولانج تراك برفقة رالف بكثير من الحب، سولانج التي تفرض عليك محبتها بكل التقلبات التي عاشتها على المسرح في ساعة واحدة فتجعلك تتعاطف مع سوسن حتى في مشاهد العنف الذي مارسته على اسكندر فلا شك أنها مهدت لك منذ بداية دخولها أن كل هذه القسوة ليست إلا ردة فعل على ظلم عاشته لسنوات طويلة فترى نفسك وكأنك سوسن القوية والتي ترفض ضعفها تارة وتارة أخرى وكأنك اسكندر الذي ما يزال يستسلم للماضي بكل جوارحه.

دخل عمر ميقاتي

القدير لدقائق معدودة حاملاً معه رسالة للإنسان تستطيع أن تقرأها بعينيه وخفة ظله وما إن انتهى العرض حتى استغلينا الفرصة لنسأله عن قوة حضور المسرح اليوم في ظل زخم المنصات والسوشيل ميديا، ف عبّر قائلاً: ” المسرح لا يموت، إنما يحتاج إلى شباب ناضج يمتلك خلفية مسرحية ثقافية، ونحن من هواة المسرح الكلاسيكي الواضح مسرح شكسبير وموليير، نحن شعب لا يحب التعقيدات التي تفرضها أنواع المسرح الأخرى ”

وهذا الحديث نفسه الذي أكده سعد الدين مخرج العمل حيث عبر عن حبه الشديد للعمل في المسرح موضحاً عملية التعافي التي يمر فيها المسرح وجمهوره من جديد هذه الأيام وكيف يلعب هذا النوع من الفنون دوراً مهماً في التأثير النفسي على الجمهور المباشر حتى لو لم يستطيع أن يقدم حلاً ولكنه على أقل تقدير يكون بمثابة فرصة للتعبير عن المشاعر التي ربما يصعب علينا البوح بها.

وعلى سياق متصل قال رالف معتوق : “تفاعل الناس بالدموع مع العرض دليل كبير على أن هناك تأثير نفسي إيجابي على الجمهور المباشر وخصوصاً وأننا ما زلنا عالقين في الحرب ونعيش تأثيراتها حتى يومنا هذا في الكثير من مفارق حياتنا فلا بد من أن تحمل نصوصنا أفكار من الواقع والواقع اليوم يثبت أننا وللأسف نعاني من مخلفات الحرب المادية والنفسية ولم نخرج منها بتعافي تام”

 

وطالما أنه التعاون الثالث بينهما سألنا مازن ورالف عن خوف الوقوع في فخ التكرار ليشيد كل طرف بالإبتكار والتجدد عند الآخر، وإنما النجاح اليوم للمرة الثالثة على التوالي يؤكد أن هذه الشراكة تثمر بالمطلوب، وأما عن تواجد الفنان القدير عمر ميقاتي عبّر رالف قائلاً: ” فنان للعظم، ومثال أعلى ”

 

ولا شك أن مثال هذه العروض تؤكد مرة بعد مرة أن المسرح حيّ بكل تفاصيله، وأننا ما زلنا شعب يتعطش للفن الأصيل، الفن الخالي من الشوائب التي فرضتها تطورات المجتمع على أنواع أخرى من الفنون.

 

مجلة شبابيك _جورج درويش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة | شركة سيو