مواهب

“استيفان برشيني” أفضل ممثل جامعي عربي في تونس

استيفان برشيني

 

شباك أخر تفتحه شبابيك على من يكتبون الإبداع السوري أينما حلو على جداريات الفن، ومع ضيفنا اليوم لا بد وأننا سوف نستمتع جداً بنفحات ثقافية قادمة من ريف حمص الغربي، سنقرأ معاً اليوم قصة نجاح متكاملة فالطبيب الممثل استيفان برشيني ليست المرة الأولى التي يكون فيها الأفضل ولكن للجائزة هذا العام طعم مختلف طالما أنها تونسية التقدير.

إليكم حوارنا الغني مع المبدع السوري استيفان برشيني:

1: كيف تحب أن يناديك الناس ؟ بالطبيب أو بالممثل؟

دعنا نبدأ حوارنا بالحديث عن الحب فأن يولد من رحم الحرب شباب قاوم الحرب بالعلم ،الثقافة و الفن مثلك ومثل الاف الشباب السوري، لا يمكن أن تقف أمامه الا بكامل الحب و الاحترام.

وسؤالك ينم عن الذكاء الصحفي و إجابته ليس بسهلة لذلك سأجيب بكامل الصراحة : لكل مقام مقال

ففي المشافي و مع مرضاي أفضل أن أكون طبيب وليس أن اُدعى بالطبيب لأن هذا هو عملي و عليَّ أن اسخر كل ما امتلكه من علم و خبرة طبية في خدمة المريض والممثل هنا لا يستطيع شفاء المريض، أما مع الجمهور و على المسرح سأكون الممثل لأن هذا هو شغفي و المتفرج قَدُمَ إلى المسرح كي ينير عقله و يمتع بصره و بصيرته بالفن و الثقافة و هنا يجب أن أكون حاضر للقائه بكامل خبرتي الفنية كممثل ليس كطبيب .

فأنا هو الطبيب الممثل و الممثل الطبيب أقف هنا في المنتصف امسك بكفتي الميزان بأحكام ..إن مالت احداها مالت الأخرى وانحنيت أنا .

الأوروبية للعطور من ياسمين الشام إلى عود الإمارات

٢: إن عدنا للوراء قليلاً، كيف اكتشف استيفان موهبة التمثيل ؟

البداية كانت بعمر السادسة مع تقليد الفنانين والشخصيات التلفزيونية، واشاهدهم على التلفاز و اجسدهم على المرآة .

لكن المرآة اصبحت الأهل و الأصدقاء ، و فيما بعد اساتذتي و زملائي في المدرسة و هنا اختبرت الجمهور الأول و الذي كان حافزاً لإيقاظ الممثل الصغير في داخلي حيث أرى المتعة في اعينهم فأجمع كركتيرات أكثر و أراقب من حولي ..حركات الاشخاص ،تعابيرهم، أصواتهم و أنقلها الى المرآة و من ثم إلى جمهوري الصغير ، دون أعرف حتى ما هو المسرح .

إلى أن قررت المشاركة في رواد الطلائع عن فئة التمثيل و بالفعل نلت المرتبة الأولى على مستوى محافظة حمص و انتقلت إلى مرحلة المنافسة على مستوى سوريا .

و كفترة تحضير للامتحان القطري .. أشرف على تدريبي الراحل محمد بري العواني الذي كان لي الفخر الابدي انه كان تربتي الاولى التي نشأت منها .

هو أول من اعطاني كتاب للراحل سعدالله ونوس و علمني كيف اقرأ بوعي ، علمني ما هو المسرح و من هو الممثل و كيف اصنع من الورق جسدا و روح .

و لم يكن من هذه التربة إلا أن أعطت نجاحاً، فتقلدت المرتبة الأولى على مستوى سوريا في مجال المسرح بعمر الثانية عشر، و من ثم بدأت رحلة التعلم بالمشاركة في ورشات اعداد الممثل تحت اشراف عدد كبير من مخرجي سوريا المحترفين .

٣: هل البيئة هي الظالمة، أم نحن من نظلم أنفسنا يوم نبقى محاصرين بالخوف من التغيير ؟

إن قلت لك أن الإنسان هو عدو نفسه بالمطلق سأكون كاذب، أنا من جيل حرب جيل عاش أسوء الظروف الإنسانية التي قد تمر على بشري، لذلك أن ننعت انفسنا بالظلام، سيكون في ذلك ظلماً مضاعف.

وقوفي على مسرح تونس و وقوف أي شاب سوري في موقع نجاح .. لم يكن إلا على كومة من المحاولات الفاشلة و اليأس و الاحباط .. صنعتها الظروف و جابهتا بالصبر و الايمان بأن الله لا يزرع في قلبك رغبة الوصول لأمر .. إلا لأنه يعلم انك ستصل .

في نهاية الرحلة سنصل جميعا يا صديقي .. كل ما علينا هو ان نحب و نسامح انفسنا على لحظات الفشل ، و أن نقف في كل مرة بعينين مثبتتين نحو الهدف .

و كي نكون منصفين بحق .. سأجيبك بأن الظروف قد تكون ظالمة نعم و مدمرة في بعض الأحيان وليست البيئة .

أنا أرى إن بيئة المجتمع السوري بيئة داعمة بالحد الطبيعي ، نحن شعب جميل ، متقبل و صانع للتغير و هنا اتحدث عن الجين السوري و عن تاريخ هذا الشعب و ليس عما خلفته حروب التاريخ من أثار مؤقتة.

٤: تذكرك مسارح الجامعة وتشهد على شقاء فني لفتى منذ سنواته الدراسية الأولى، ماذا عن هذه الفترة من حياتك ؟

عندما ذكرت المسرح الجامعي قَدُمَ الى ذاكرتي الطريق الواصل بين كلية الطب و مسرح الجامعة حيث كنا نتدرب .

إن دخولي الى الجامعة تزامن مع بداية الحرب لذلك على هذا الطريق كنت ستجد طلاب يسرعون بالعودة إلى منازلهم بعد انتهاء محاضراتهم خوفاً من حدوث تفجير أو نزول قذيفة، أو ستجد طلابا يستمتعون بوقتهم مع بعضهم يضحكون يغنون و يعشقون، و كنت ستجدني انا اركض، ثلاثتنا خائفين من الموت.. لكن كل منا حاربه بطريقته .

و هذا كان خياري منذ السنة الأولى . تمسكت بشغفي و تابعت بكل ما اوتيت من حب و عزيمة .

لم يكن تنسيق الوقت سهلا بالطبع ، لم يكن الامساك بكفتي الميزان أمرٌ هيّن هذا شيء مؤكد . لكن الحلم يبقى هو الاقوى .

خلال المرحبة الجامعية قدمت العديد من العروض مع المسرح الجامعي و المسرح القومي و مع نقابة الفنانين و كثير من الفرق الخاصة ، التي عرّفت الجمهور علي ، و بالطبع في ذلك هناك فضل كبير للقامات الفنية و المخرجين التي تعاملت معهم و تعلمت منهم و من خبرتهم .

٥: صفق لك الكثر منذ أول مرة صعدت بها إلى المسرح وحتى اليوم، هل يوجد محبين لا ينسيك الوقت تشجيعهم؟ أخبرنا عن أهمية محبة الناس والمحيط بالنسبة لشاب شغوف ؟

بالطبع .. و ما اكثرهم

أبي وأمي و أخي فمعهم اختبرت أول سعادة لتصفيق لجمهور و دعمهم لي طوال حياتي هو ما يبقيني بهذا الاصرار، و أصدقائي المقربين اللذين يعرفون خوفي الدائم من صعود الخشبة فتجدهم في يوم العرض منذ الصباح الباكر بجانبي لدعمي.

المخرج حسين ناصر الذي كان اباً لي و حاضن أمين لموهبتي .

و أشخاص كثر لا يسعني الان ذكر اسماءهم مرو في طريقي ، همساتهم لي و كلماتهم لا تزال تغذي روحي و اذكرها دوما .

عن محبة الناس و التشجيع ! انها اشبه بالنار التي توقد شغف الانسان كل ما خمد .. انها بهذا الجمال .

٦: لماذا لم نراك على مواقع التواصل الإجتماعي كثيراً ؟

أنا موجود و لكن بالحد الطبيعي الذي يسمح به وقتي و عملي، و بالتأكيد أنه أصبح جزء كبير من حياة الإنسان عامة و الفنان خاصة لكنه مجال عمل قائم بحد ذاته يحتاج الوقت و التحضير كي تقدم للمتلقي ما يستحق من احترام لعقله . و هذا هو مشروعي القادم الذي أعمل عليه .

٧: ماذا لو كنت من طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية؟ والآن كيف تعاملك نقابة الفنانيين ؟

الدراسة الأكاديمية كانت ستغني بالطبع شخصي الممثل و أعتقد أنها كانت ستوفر قليلاً من الجهد الذي بُذل في رحلة التعلم .

أما عن الموهبة فالطبع لا تدرس لأنها هبة. لكن ما نفعها بدون التدريب و العمل الدائم على تطويرها !

وكي تزاول مهنة الطب في سوريا عليك أن تكون منتسب إلى نقابة الاطباء السوريين . و هذا يعني ان الدولة السورية تعترف بك طبيب مستحق لممارسة هذه المهنة على أراضيها و دارسا للطب البشري في إحدى جامعاتها و خاضعا لأمتحاناتها المعدة لنيل الإجازة.

و ما أجمل هذا الاعتراف من دولة عريقة في مجال الطب  ، لكن هل كان ذلك سهلاً بالنسبة لنقابة الفنانين ؟

بالطبع لا . لأن الامور متماثلة إلى حد ما هنا ، فعليك أن تكون خريج المعهد العالي للفنون المسرحية كي تحصل على العضوية. أو أن تتقدم بطلب انتساب عند فتح النقابة لهذا الباب و تخضع لقائمة شروط كبيرة و صعبة ، منها أن يكون هناك تاريخ كبير من الاعمال المسرحية و خاضع لعدد جيد من ورشات إعداد الممثل و غيرها من الشروط يتبعها امتحان القبول و يتبعه في حال النجاح أربع سنوات تكون فيها بفترة التمرين لتنتهي بإمتحان القبول النهائي و تحصل على العضوية النهائية .

أن تعترف بك الدولة السورية كممثل هذا أمر مشرف للغاية . و لا ننسى أن سوريا هي من أوائل الدول العربية على مستوى الدراما .

اما ما إضافته لي فهو نقلي من مرحلة الهاوي الى الحرفية بعد سنوات طويلة من التعب و العمل في هذا المجال .

٨: أفضل ممثل عربي جامعي هي الجائزة التي حصلت عليها في تونس ؟ حدثنا عن الشعور والإنجاز ؟ وعن تونس ؟

لقد كانت تجربة رائعة و ذكرى لن تُنسى بالنسبة لي . الفوز بأفضل ممثل كان صعباً حقاً .. فالمنافسة كانت هنا بين دول عربية و على مستوى احترافي عالي .لذلك وجودك هنا لا يمثلك أنت بالذات بل يمثل شعب .

و فرحتي كانت مضاعفة فقد حصل العرض السوري ( كائنات من ضوء ) على ثلاث جوائز من اصل سبعة

افضل اخراج / افضل ممثل / ثاني افضل ممثلة .

و هذا شيء لا يستهان به امام لجنة من قامات تونس الفنية العريقة ، و بالمنافسة مع الدول العربية التي أبدعت جميعها خلال المهرجان و قدمت عروض متقنة و أداء لممثلين ترفع لهم القبعة .

تونس الخضراء..إنها كالحلم .. جمال اوروبا بسحر المشرق العربي .. لديها عمران رائع و ملفت حقا ، و طبيعة البلد خلابة .

إنها بلد الازرق و الابيض و الاخضر . فلك أن تتخيل ماذا سيكون انعاكس هذه الالوان على شعبها ، الذي غمرنا بالحب ليس فقط بحسن الضيافة .

كل شيء كان يرفق بجملة ( نحن نحب سوريا و شعب سوريا ) فتراهم يرددون أغانينا يتحدوث بلهجتنا و يسألوننا عن مدننا و حاراتنا بشوق ينم عن عمر طويل من الحب بين هذين الشعبين .

كل الشكر و الاحترام لهذا الشعب الحضاري، العظيم و المثقف .

ماذا عن مشاريعك القادمة ؟ وهل للمسرح الأولوية ؟

أنا الأن في طور التحضير لعمل مسرحي جديد بالأضافة لمهرجان داخلي أشارك ضمنه بعملين أحدهم إخراجي و الآخر كممثل . و أعمل على مشروعي الخاص على السوشل ميديا الذي سيبصر النور قريباً.

المسرح له الاولوية دوما .

إنه المنزل .. مهما ابتعد الممثل .. سيعود اليه بحنين و لهفة الانسان لبيته الاول .

 

هل سنراك في عالم الدراما قريباً ؟

التمثيل هو ما يغريني ..

التلفاز .. السينما .. المسرح .. كلها حدائق للعب . و كم ذكرت منذ قليل أرى نفس طفل تعلم لتوه المشي و يريد ان يلعب و ينطلق كي يترك بصمة في كل منها .

ما هو حلمك الكبير وماذا تنصح الشباب الحالم ؟

الحلم الكبير هو الاستمرار ، ليس سواه .

و رسالتي إلى الشباب الطموح هي أن يؤمن بأنه لا يوجد طريق واحد للنجاح و ليس هناك مسارات واضحة أن اتبعتها سوف تصل .

لنصنع قصصنا الفريدة و لنكن نحن ابطالها .

هيا نجبر التاريخ على ذكر اسماءنا.

كلمتك الأخيرة لشبابيك ولكل من يقرأ صفحاتنا الغنية بك ؟

دعني أولا أن أشكرك و أشكر إدارة شبابيك على اصراركم بحمل الضوء و تسليطه على كل ما هو جميل . و أتمنى لكم دوام التوفيق و النجاح .

و إلى القارئ العزيز سيكون شكري الموصول مع التمنيات القلبية بالنجاح ، التألق و الحب.

 

مجلة شبابيك _جورج درويش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى