فن ومشاهير

فادي صبيح .. قميصٌ جسدي لشخصياتٍ متعدِّدة

 

عندما نقول الفنَّان فادي صبيح لا بدَّ لنا أن نرفق هذا الاسم بصورته، فالقليل يعرف الفنان فادي صبيح كشخص وهذا ليس بظلم بل لأنَّ أغلبنا يعرف الأدوار التي أتقنها ويحفظ “اللازمة” التي يكرِّرها، لكنَّنا لا نعرف مَنْ قام بأداء هذه الأدوار، فهو يؤدِّيها ببراعة على كلِّ الصُّعد إن كان بالإيماءات الجسدية أو المفردات اللفظية التي تنسينا مَنْ هو فادي الممثل.

يعدُّ فادي صبيح أحد أبرز فناني الدراما السوريَّة، لعب الكثير من الأدوار التي ترسَّخت في ذاكرة المُشاهد السُّوري.

نمذجَ الفنان فادي صبيح في أدواره وأبدع فيها جميعاً، فقد شارك في الكثير من المسلسلات الاجتماعيَّة كدقيقة صمت، وعناية مشدَّدة، والولادة من الخاصرة، وبرع في الكوميديا منها ضيعة ضايعة وأبو جانتي وغيرها كثير، ولا يكتفي الفنان فادي صبيح في تجسيد الشَّخصية التي توكل إليه بل يضيف إليها من قاموسه كلمات وتكون كهوية للشَّخصية التي يلعبها فادي في مسلسله.

فمن منَّا لا يعرف سليم “سلنغو” في (ضيعة ضايعة) ذاك العاشق الولهان بابنة المختار “عبد السلام البيسة” (زهير رمضان) أو سليل الإقطاع على حدِّ قول “سليم” الذي يعاني من رفض عبد السلام تزويجه ابنته “عفاف” التي تلعب دورها الفنانة (رواد عليو)، وأظهر الفنان فادي صبيح في هذا الدور إتقان فريد للهجة “الكسبلية” لهجة قاطني مدينة كسب في اللاذقية وهي المنطقة التي صُوِّر فيها العمل.

وشخصية “أبو مقداد” في الولادة من الخاصرة الذي شارك فيه إلى جانب باسم ياخور وقصي خولي مع المخرجة رشا شربتجي، هذا الدَّور كان له أهمية كبيرة في حياة فادي صبيح فقد حرَّره من الأدوار الكوميديا التي اعتاد أن يؤدِّيها في السابق، فعمد لبذل الكثير من الجهد في سبيل إنجاحها وأعطاها حقوقها للأقصى فأضاف إليها إكسسواراً “لا تخشى شيء” مع تلك الضحكة الخشنة التي تعكس طبيعة الشَّخصية الميكافيلية والسُّوقية في آنٍ معاً.

كما كان للفنان فادي صبيح بصمة خاصَّة في مسلسل ” دقيقة صمت” عام 2019م؛ إذ شارك فيه مع العديد من الفنَّانين أبرزهم “عابد فهد” والفنانة اللبنانية “ستيفاني صليبا”، وجسَّد صبيح شخصية “أبو العزم” الرَّجل الفقير الذي يعمل كميكانيكي عشوائي، مدَّعٍ، كاذب، ينسج الحكايات الخيالية.. لكنَّه لا يخون، وهذه الصفة هي التي تجعل المُشاهد دائماً يتغاضى عن أي تصرُّف يصدر منه، وشكَّل مع “هيا مرعشلي” ثنائياً لافتاً خاصَّة في مشهد الرَّقص الذي أرتأت العديد من المحطات التَّلفزيونيَّة حذفه بدواعي الرَّقابة الدِّينيَّة، فقد شكَّلت شخصية ” أبو العزم” مع متلازمة ” يا إنسان” حالة إبداعية نادرة الحدوث.

أما عن “عمِّنا” تلك المفردة المرتبطة بشخصية “أبو الخيل” في مسلسل “فوضى” فقد قال الممثل فادي صبيح أنَّه استلهمها من المالك الأساسي للورشة التي مثَّل فيها فادي الدور، إذ كانت في البداية تجربة ليرى إن كانت ستناسب الشخصية أم لا، فشخصية أبو الخيل البسيطة في بيئة شعبية تحتاج لتركيب من روحها فلا يجوز بالطَّبع استخدام مصطلح انكليزي مع شخصية كهذه ونجحت التجربة وارتبط ذاك المصطلح مع شخصية أبو الخيل كما جرت العادة مع أغلب أدوار فادي صبيح.

ففي نهاية الغمار الرمضاني من كلِّ عام هناك شخصيات تتبخَّر وكأنَّها لم تكن، فقليلةٌ هي التي تؤثِّر بنا و تترك بصمتها في ذاكرتنا ويكون فادي صبيح بمصطلحاته “لا تخشى شيء، عمنا و يا إنسان” الناجي الوحيد من دوَّامة النِّسيان وانشغال الناس بحاجات حياتهم، فتبقى تلك المفردات التي خرجت من بيئتهم مرافقة لهم في أوج إغفالهم عن ترفيههم وانشغالهم في تأمين قوت يومهم.

ويذكر أنَّ فادي صبيح فنان سوري خريج المعهد العالي للفنون المسرحية بدأ مسيرته الفنية عام 1997م في مسلسل “الموت القادم إلى الشرق”، وهو فنان واقعي وطموح وحريص على تطوير نفسه وأدواته ويسعى إلى تحقيق نقلة نوعية في عمله ترضي ذاته.

“عمر دياب” أغنية جديدة وعودة مجددة لدينا الشربيني

حلا فطوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة | شركة سيو