أسرة ومجتمع

المخاوف والتردد عند الأطفال بين العلاج ودعم الأبوين

الخوف عند الأطفال

 

الخوف انفعال تسهل استثارته بوسائل وطرق مختلفة وله آثار بعيدة المدى ، فأحياناً يبدو العالم بالنسبة للأطفال الصغار مكاناً مرعباً ، والأشياء التي تبدو لنا ككبار طبيعية وآمنة تماماً، قد تبدو لهم مؤذية ومخيفة.

 

وفي هذا الصدد يجب أن يعلم الأبوان أن الخوف شعور إنساني طبيعي وأن كل الأطفال يشعرون بالخوف في أوقات معينة في حياتهم وأن هذا الخوف هو جزء طبيعي في تطورهم. بمساعدة ودعم الابوين، يمكن للطفل أن يفهم مخاوفه ويعرف كيف يتغلب عليها.

 

وتقسم هذه المخاوف إلى قسمين تبعاً لمراحل النمو عند الطفل.

أنواع الخوف لدى الأطفال:

تقسم المخاوف التي تصيب الأطفال إلى نوعين تبعاً لتقدم نمو الطفل

 

النوع الأول :

بسيط يتعلق بدافع المحافظة على البقاء ويشمل مخاوف الأطفال العادية التي تظهر في الحياة اليومية وتسهل ملاحظتها كالخوف من الظلام والحيوانات واللصوص ، والخوف من الحيوانات والشرطة والأطباء والأماكن العالية..

 

النوع الثاني :

يرتبط بالشعور بالإثم في نفس الطفل نتيجة لصلته بالقائمين على توجيه سلوكه . وهنا يلاحظ أن أطفال الآباء الهادئين ينشؤون غير هيابين ويرجع ذلك إلى رزانة عقولهم أولاً وتنظيم انفعالاتهم ثانياً مما يجعلهم قدوة حسنة لأطفالهم يسرعون في تقليدها . يضاف إلى أن الآباء الهادئين يثيرون في نفس الطفل شعوراً بالخير يمكن أن يقوم حياته ويتحول إلى ضمير له مطالب قوية في نفس الطفل..

 

وللخوف صور متعددة منها:

 

 

,* الخوف من الغرباء يبدأ الطفل في اكتشاف أن هناك أشخاص قريبين منه وآخرين ليسوا كذلك، وهذه هي بداية ما يسمى بالخوف من الغرباء

 

الخوف من الانفصال وفوبيا المدرسة..

الخوف من الغرباء يتحول بعد ذلك إلى خوف من الانفصال، وهو خوف الطفل من الانفصال عن أمه أو عن الشخص الذي يرعاه وكذلك الخوف من بيئة جديدة لم يعتاد عليها. الخوف من الانفصال يكون طبيعياً حتى سن السادسة ولكن يمكن أن يتحول بعد ذلك إلى “فوبيا المدرسة” وهو مرض وليس مجرد خوف. يجب أن تختفى “فوبيا المدرسة” فى أول 3 سنوات من عمر الطفل، وإذا لم يحدث ذلك، قد يحتاج الأمر لعلاج نفسي متخصص.

لعنة العالم الأفتراضي، مرض يصيب الأطفال ويهدد نموهم الفكري

  المخاوف المكتسبة:

الخوف من الأشباح، الظلام، لعب معينة، الأصوات العالية، ..الخ، كلها أمثلة للمخاوف المكتسبة حيث أنها تكتسب عن طريق التعلم.

 

*الوالدان:

قد يكون الوالدان دون قصد هما السبب في مخاوف طفلهما. فهما قد يعرضان طفلهما لسماع قصص مخيفة سواء منهم أو من مربيته أو من أي شخص يقوم برعايته، أو قد يهمل الأبوان الإشراف على ما يشاهده الطفل في التليفزيون أو عن طريق الإنترنت أو ما يسمعه في الراديو، أو قد يقوم الأبوان بمناقشة موضوعات أمام الطفل لا يستطيع استيعابها، أو قد يكون أحد الأبوين يعانى من مخاوف خاصة به (مثل الخوف من الظلام، الأشباح، …الخ.) حيث يمكن أن تنتقل هذه المخاوف إلى الطفل.

 

البيئة المحيطة بالطفل:

قد يكون الطفل خائفاً من البقاء في البيت بمفرده أو تحت رعاية أخيه الأكبر دون إشراف أبويه أو شخص كبير خاصةً إذا كان هذا الأخ الأكبر يتربص به أو يخيفه كنتيجة لغيرته منه.

 

*التجارب المؤلمة:

إن تعرض الطفل لتجربة أليمة مثل مرض أحد أفراد الأسرة القريبين له، أو حدوث وفاة في الأسرة قد يسبب له الخوف بل قد يكون سبباً في إصابته باكتئاب في حياته فيما بعد.

لا تعاقبوا الأطفال على ذنب لم يقترفوه..فقرار الطلاق لا شأن لهم به

 الخلافات الزوجية:

الخلافات الزوجية من أهم الأسباب وراء عدم شعور الطفل بالأمان وقد يتوجه خوف الطفل إلى شئ آخر مثل لعبة معينة أو الظلام، …الخ. هذا خوف ارتباطي، حيث لا تكون اللعبة هي السبب الرئيسي في الخوف.

 

*نقص المعرفة:

نقص معرفة الأطفال وعدم فهمهم للأمور بشكل جيد من الأسباب الشائعة الأخرى وراء مخاوف الأطفال. على سبيل المثال، قد لا يستوعب الطفل مفهوم النكتة، فقد يداعبه شخص كبير ويقول له أنه معجب بأصابعه الصغيرة وأنه سيأخذها معه، في هذه الحالة قد يفهم الطفل هذا الكلام على أنه حقيقة ويصبح خائفاً من ذلك الشخص ومن الموقف ذاته.

 

*استقلالية الطفل واعتماده على نفسه:

عندما يبدأ الطفل في الاعتماد على نفسه، مثل مشيه وحده لأول مرة، قد يتملكه الشعور بالخوف. سريعاً ما يبدأ الطفل في ملاحظة أنه مثلما يستطيع المشي والابتعاد عن أمه أو عن الشخص الذي يقوم برعايته يمكن لأمه أيضاً أو لذلك الشخص أن يبتعد عنه، ومن الصعب على الطفل أن يشعر بالأمان خلال هذه التغيرات.

 

تؤدي تنشئة الأطفال القائمة على الخوف إلى مشاكل نفسية كبيرة عند البلوغ، منها

١.فقدان الثقة بالنفس والتردد والمراجع عن اي مبادرة أو اتخاذ قرارات خوفاً من الفشل.

٢.عدم الشعور بالاستقلالية والشعور الدائم بحاجة لمن يكون بجانبه في أبسط الأعمال.

٣. التأخر الدراسي وضعف الذاكرة وعدم القدرة على استيعاب الدروس و نسيان أو تناسي أي معلومة

٤.تقلب المزاج والأفكار وتحسس الطفل تجاه زملائه وانفعاله لأبسط الأشياء وأتفهها

٥.الخجل والابتعاد عن الأشخاص وعدم التقرب من اي شخص بالإضافة إلى عدوانيته الزائدة ضمن البيت ومع أخوته وأهله .

٦.العدول عن تناول الغذاء وسوء الهضم وضعف وهزال الجسم العام بالإضافة اي نقص في الوزن واضطرابات في المعدة.

٧.زيادة أعراض الخوف بشكل تدريجي ممّا قد يؤدي الى الإصابةبالأمراض النفسية الخطيرة والجنون.

 علاج الخوف عند الاطفال

هو ما يهم كل أم تحب طفلها وتسعى لحمايته من المشكلات والاضطرابات النفسية، فعلى الرغم من أن مشاعر الخوف والقلق تعتبر طبيعية وفطرية عند الأطفال، إلا أنه يجب الحذر من زيادتها عن الحد حتى لا تتفاقم وتصبح مشكلة نفسية وتتسبب في معاناة الطفل من الرهاب الاجتماعي أو الاكتئاب وأولى مراحل العلاج هي:

١.اقتحام المخاوف: حيث يجب على الآباء عدم إهمال مشاعر الصغار أو التقليل من أهميتها، لكن يجب مواجهتها والاعتراف بها، وتشخيص سبب الخوف بدقة، حيث يعجز الصغار عن وصف مخاوفهم وتحديدها، وهنا يأتي دور الكبار في التعرف على سبب الخوف بدقة.احتواء الطفل، وسؤاله عن أسباب هذه المخاوف والتناقش معه في مدى صحة هذه المخاوف، حتى تتضح الأمور.

٢احترام مخاوف الطفل وعدم الاستهزاء بمشاعر الصغير والاهتمام بمخاوفه ومساعدته على تخطي هذه المخاوف وهزيمتها.

٣.الصبر من أهم طرق العلاج، فلا يجب على الآباء تعجل نتائج التغيير، فبعد أن يواجه الصغير مخاوفه ويتفهمها، فإنه يحتاج للدعم النفسي من الكبار حتى يتغير ويتجاوز هذه المشكلة.مواجهة الخوف،

٤. من الأساليب الناجحة للعلاج هو تعريض الصغير للشيء الذي يخاف منه بالتدريج وبشكل هادئ حتى يتعود على المواجهة ويدرك أن هذه المشاعر لا أساس لها، فإذا كان يخاف من حيوان أليف، فإنه يمكن اصطحابه إليه والتقرب منه بهدوء وبشكل تدريجي.

٥.يجب عدم إظهار خوف الكبار أمام الصغار حتى لا تتسرب إليهم هذه المشاعر السلبية، يجب أن يظهر الكبار الشجاعة أمام الأطفال حتى ولو كان داخلهم يشعرون بالخوف لأنهم قدوة لأطفالهم.

٦.لابد أن تتجنب الأم مقارنة الطفل بغيره من الأطفال، فلا يجب أن تقول له مثلاً أن غيره من الأصدقاء لا يخاف مثله، لأن هذه المقارنات تسبب فقدان الطفل ثقته في نفسه وتزيد المشكلة تعقيداً.علاج الخوف من الناس

٧.دائما ما يكون خوف الطفل من الأشخاص الغريبة أو الذين وجوههم غير مألوفة بالنسبة له .لذلك يجب أن يلعب الاهل دور كبير حيث يجب اصطحاب الأطفال إلى المناسبات العائلية بالإضافة إلى تشجيعهم لاستقبال الضيوف والجلوس مع الأقارب.

٨.يفيد انضمام الصغير لروضة الأطفال حتى يتعود التعامل مع الآخرين، حيث يعاني الطفل الملتصق بوالدته من هذه المشكلة أكثر من غيره، والانفصال المبكر عنه يفيده من الناحية النفسية ويساعد على تكوينه لشخصيته المستقلة مبكراً.

 

كما سبق القول فإن علاج الخوف عند الأطفال يحتاج إلى الدعم الأسري مع الهدوء وإتباع مجموعة من النصائح التي تجعل من الأب والأم قدوة لصغيرهم، ليتحلى مثلهم بالإقدام والشجاعة والمواجهة.

 

مع العلم أن الطفل في مراحله المبكرة لا يحتاج إلى أي دواء أو علاج نفسي مكثف لمشكلة الخوف، إلا إذا تطور الأمر وظهر على الطفل أعراض شديدة مثل البكاء الشديد ورفض الطعام واضطرابات النوم وفقدان الوزن واضطرابات المعدة.

 

في هذه الحالة لابد من استشارة الطبيب حتى يصف للطفل الخطة العلاجية التي تناسب حالته وتتسق مع المرحلة العمرية التي يمر بها.

 

علاج الخوف عند الاطفال هذه المشكلة التي تبدو بسيطة في بدايتها، لكن إهمالها يجعلها تتحول لمشكلة نفسية تصيب الطفل بعد ذلك بفوبيا شديدة يصعب التخلص منها، واحتواء مشاعر الصغير من أهم خطوات العلاج الناجح.

 

مجلة شبابيك _راما كنج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة | شركة سيو