مقالات رأي

لا تعاقبوا الأطفال على ذنب لم يقترفوه..فقرار الطلاق لا شأن لهم به

 

“الطلاق”

 

لا تلعبوا مع ابنة الجارة “عبير” أمها مطلقة ولا ينقصنا سوء سمعة، فنحن من طبقة “تمشي الحيط الحيط وتقول يا رب السترة”، ولا تجالسوا ابن ذاك الرجل الذي انفصل عن زوجته فأمه أصبحت مطلقة، ونظرة المجتمع للمطلقة على أنها لحمة مستباحة توزع بالمجان على وحوش الحي.

 

 

عقاب الأطفال بسبب طلاق والديهم من قبل المجتمع، ظاهرة ليست بالحديثة، ولن نضع الحرب شماعة لها، معاقبة الأطفال والمراهقين بسبب انفصال والديهم واتهامهم بأنهم قليلو الأخلاق والحديث معهم يجلب العار، رواية مقيتة كبرنا على سماعها، في منازلنا أو حتى في منازل أقاربنا…

قابلت فتاةً قبل عدة أيام تبلغ من العمر حوالي أربعة عشر عاماً ، تبكي منفردة بذاتها خلف شجرة على حافة الطريق بصمت يكاد يخرج منه صراخ يملأ الكون و بأيّ ذنب !

 

بعد عدة محاولات للحديث معها وفهم معاناتها تحدثت بجملة صدمتني حقاً “والدة صديقتي طردتني من منزلهم لأنني ابنة مطلقة” وقالت لي لا تعودي مجدداً ولا تتحدثي مع ابنتي نهائياً.

 

في المدرسة دوماً ما أشعر أنني منبوذة، وأفكر فيما لو كنت مع أمي وأبي لكان الجميع سمح لأولادهم باللعب والحديث معي، وكنت سأعود إلى منزلي سعيدة مثلهم، بالرغم أنني لم أفعل شيئاً مؤذياً لأحدهم، لكن منذ غادرت والدتي المنزل وهم يقولون عني “ابنة المطلقة”!.

يشعر الأولاد عادة بالخسارة الكبيرة وفقدان الأمان، عند انفصال الوالدين، فمهما كانت أسباب الانفصال…من المؤكد بأنه لا ذنب لهم بها، حتى يقوم المجتمع بنبذهم وتشتيتهم أكثر،فللأسف في بعض المناطق مازال هناك أشخاص معدومو الثقافة، ينظرون للمرأة المطلقة على أنها سيئة بالمطلق وعديمة الأخلاق، ولا ينبغي لأبنائهم التعامل مع أبناءها واللعب معهم، وكأن هناك مرضاً ما ستتم نقل عدواه إليهم.

 

بشكل عام ينتج عن الطلاق تأثيرات مُتباينة تختلف من طفلٍ لآخر، حسب طبيعته ونُضجه اعتماداً على عمره، وعلى طريقة انفصال الوالدين ودورهما في زيادة تقبّله لهذا القرار، وشعوره بالارتياح بعده…

قد يواجه الأطفال صعوبة في السيطرة على مشاعرهم وتقبّل قرار الانفصال، فيتأثرون به نفسيّاً وعاطفيّاً؛ كالشعور بالحزن والأسى وعدم التكيّف مع انفصال الوالدين، مما يسبب ضعف قدرة الاتصال لدى الأطفال، وتأثرهم بالبيئة المحيطة والكلام السلبي الذي يسمعوه من المجتمع على أحد والديهم، وخاصة الأم، والنظرة القاسية التي قد تصدمهم أكثر.

 

مما ينعكس على صحة وسلوك الأطفال النفسي والاجتماعي في بعض الحالات مثل: زيادة مشاكل الصحة العقليّة للأطفال، ومنها الاكتئاب، والمشاكل النفسيّة الأخرى الناجمة عن القلق، والإجهاد، والتوتر الذي من الممكن أن يصل به إلى الانتحار، إضافة للشعور بالخوف وانعدام الأمان بسبب فقدان والديه، أو الاشتياق لهما.

كيفية حل النزاعات الزوجية أمام الأطفال 

بالتأكيد؛ الأطفال هم الضحية ، لذلك ينبغي دراسة الشريك وبيئته قبل الإقبال على الزواج، أو عدم الإنجاب مباشرة وإعطاء فرصة للزوجين لفهم بعضهم البعض عن قرب، فالاطفال لا ذنب لهم بأن نعاقبهم بالفراق نتيجة أنانية وتجارب الوالدين، وكذلك ينبغي احتضان الأطفال الذين تعرضوا للتشتت بسبب الطلاق، وتشجيع أبنائنا على احتضانهم وإعطائهم المزيد من التعاطف والاهتمام.

وهنا يأتي دور الإعلام التنموي ومؤسسات تنظيم الأسرة، ودعم المرأة والعائلة، بتكثيف المبادرات والفعاليات التي تحسن سلوك الفرد وتساعده على تقبل الأطفال والكبار الذين تعرضوا لحالات اجتماعية معينة، فقدوا على أثرها ثقتهم بأنفسهم.

 

شبابيك _ رهف عمار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى