مواهب

سمير كلور بصمةٌ سوريَّةٌ مميَّزةٌ تحفر اسمها في عالم الطبخ

 

من مدينة حلب المدينة المشهورة في أطباقها الشهية واهتمام أهلها بالمأكولات وطعمها الشهي، وضمن عائلة شغوفة بمجال الطبخ كَبُرَ سمير كلور وترعرع.

سمير كلور ذو 36 عاماً شابٌّ حلبيٌّ مقيم حالياً في مدينة دبي منذ قرابة 15 عاماً، ولأنَّه من محبِّي فنون الطبخ لمع اسمه في الكثير من البلدان.

ولمزيد من التفاصيل التقت مجلة شبابيك مع الشيف سمير وألقت الضوء على حياته الشخصية من خلال بعض الأسئلة إليكم أبرز ما جاء فيها:

-بدايةً أخبرنا كيف كانت بداياتك، ودخولك في عالم الطبخ أكان صدفةً أم قراراً شخصيَّاً؟

بدايتي كانت صدفةً بحتةً سببها الاغتراب المبكر كوني شاب أعزب؛ إذ بدأت اكتشف شغفي من خلال استمراري في الطبخ المنزلي لمدة تزيد عن سبع سنوات، وفي عام 2018م أخذت منحى الاحترافية.

-عرفنا أنَّك تنتمي لعائلة تمتهن الطبخ، ما الإرث الذي نقله لك هذا الانتماء؟

صحيح أمي ربة منزل تملك نفساً لذيذاً على الأكل، وأبي يعمل في مجال الطبخ منذ 25 عاماً، كما إنَّ أخي الكبير “بشير” شيفٌ أكاديميٌّ متخرجٌ من المعهد الفندقي بمحافظة حلب، تستطيعين القول إنَّ ما أورثوه لي هو الشغف إضافة إلى سعيي المتواصل في تطوير نفسي، ودأبي أن اكتشف قدراتي وذاتي بشكلٍ مستمرٍّ.

-بخصوص الأطباق التي تقدِّمها، نستطيع تصنيفها بفئة الأطباق الغربيَّة أم الشرقيَّة؟

أطباق شرقية بمنظور غربي أي المطبخ السوري بمنظور معاصر، إنَّ إضافة مكونات غير مستخدمة في المطبخ الشرقي هو طريقة تقديم مختلفة ومتفرِّدة، وإضافة نكهات جديدة وتقنيات طبخ جديدة.

-الطبخ كغيره من الفنون الأخرى يحمل رسالة، والشيف بدوره يملك رسالةً يحاول إيصالها من خلال الأطباق التي يقدِّمها، فما الرسالة التي تحاول إيصالها من خلال الأطباق التي تصنعها؟

رسالتي هي نوعين:
رسالة كـ شيف:
الطبخ ليس مكونات فقط وإنَّما شغفٌ، إبداعٌ، وتحدٍّ شخصي للمقدرات والمعلومات.
سفينة تدعنا نسافر العالم من خلال النكهات، وبالتالي يجب أن نكون منفتحين عقلياً لنتقبَّل الاختلاف والأشياء الجديدة، وأخيراً الشيف يجب أن يكون لديه هوية خاصَّة فيه تميِّزه وتكون نقطة علام خاصة فيه.

ورسالتي كـ شاب للشباب السوري هي أنَّه يجب ألَّا ننتظر الفرصة ونعمل بشكلٍ مستمرٍّ على تطوير الفكر والشغف واكتساب مهارات جديدة من خلال أيَّة فرصة مهما كانت صغيرة، احلموا واشتغلوا على حلمكم…. ستصلون.

-إذاً ترى أنَّ الشيف يجب أن يضيف بصمته للأطباق التي يصنعها، فكيف تضيف بصمتك لأطباقك الخاصَّة؟
من خلال تقديمي المميَّز، ومن خلال إضافة مكونات جديدة للصحن، أو تحديث الأكلة وتقديمها بشكل جديد كلياً.

-وبعيداً عن انتمائك الحلبي وغنى هذا المطبخ بالمأكولات الشهية، أيُّ مطبخ من المطابخ العالميَّة تفضِّل؟ وهل ترى أنًّ الأطباق تعكس حضارة الدول كما تعكس هوية الشيف؟

أفضِّل المطبخ الإيطالي والمطبخ الهندي والمطبخ الآسيوي، فهذه المكونات المستخدمة وطريقة طهيها لم تأتِ بشكلٍ عبثيٍّ إنَّما هي تعكس الماضي وعادات وتقاليد الأجداد، فبالتأكيد ذلك يعكس حضارة الدول.

-أيٌّ من هذه المطابخ أقرب للحلبي، وما الذي يميِّز هذه المطابخ عن غيرها؟

في الحقيقة لا نستطيع أن نقول إنَّها قريبة للمطبخ الحلبي، لكن هناك أطباق متشابهة في العجينة وحشوة الشيش برك وباستا التورتليني، وما يميِّز هذه المطابخ عن غيرها؛ بالنسبة للإيطالي فيعتمد على الأعشاب العطرية والأجبان بتنوُّعها إضافة لزيت الزيتون البكر الذي يستخدم في كلِّ شيء، والمطبخ الهندي تميِّزه عراقته والنكهات المتعدِّدة التي تختلف من أكلة إلى أخرى، علماً أنًّ هناك مأكولات لا تُعدُّ ولا تُحصى بالإضافة لتنوعية الأطباق سواء التي فيها مكونات حيوانية أو نباتية، أمَّا عن المطبخ الآسيوي فيعتمد بشكل كبير على Umami والتخمير فيه تناغم النكهات مخيف وتعدُّد الأطباق لايوصف.

-الكثير من الطهاة يتعرَّضون لتجارب فاشلة رغم خبرتهم الكبيرة بمجال الطبخ، فعلى صعيدك الشخصي هل مررت بتجارب فاشلة؟ وكيف كان أثرها عليك هل صقلت لك شخصيتك وأغنت مسيرتك أم كان لها أثر سلبي في حياتك؟

شخصيا مررت بمراحل خوف وخصوصاً عندما أقوم بتجربة وصفة ولا تنجح، وكوني أقدِّم شيئاً جديداً الناس لم تكن تتقبَّله، وتعرَّضت للانتقاد بشكل جارح ببعض الأحيان، ولكن هذا الشيء أعطاني دافع أن أستمرَّ لأوصل شيئاً جديداً على مجتمعنا، وأكثر لحظة شعرت بالخوف عندما قدَّمت لي قناة فتافيت عرضاً، ولكن ثقتي بنفسي ساعدتني أن أكون على قدر المسؤولية.

-وبعيداً عن النظرة الشرقية والتفرقة بين الرجل والمرأة، لكن نرى أنَّ أغلب الطهاة الناجحين والمشهورين هم رجال مثل الشيف بوراك والشيف رمزي وغيرهم كثير، برأيك ما هو السرُّ وراء إبداع الرجل في هذا المجال أكثر من المرأة؟

المطبخ فيه ضغطٌ نفسيٌّ كبيرٌ وجهدٌ جسديٌّ كبيرٌ وفي بعض الأحيان يصل لدرجة الإهانة بالألفاظ، لكن برأيي هناك الكثير من الطهاة إناث وناجحات بشكلٍ كبيرٍ، مثل: الشيف مارتا ستيوارت، الشيف منال العالم والشيف ديما الشعار.

ومَنْ من الطهاة تعتبرهم قدوةً يُحتذى بها في حياتك المهنية وتحاول أن تصل للنجاح الذي وصلوا له؟ وهل تتَّبع نمط أحد منهم في تزيين الأطباق أم تفضِّل اعتمادك على أسلوبك الخاص وتكتفي بهم قدوة؟
هناك الشيف محمد أورفلي، والشيف ماجد الصباغ، والشيف غوردن رامزي، والشيف ماسيمو بوتورو، وأخيراً الشيف توماس كيلر، بالتأكيد إنَّني أخذ الوحي منهم وأضيف لمستي بكلِّ صحن فأنا أتَّبع شيفية كبار “ختموا المصلحة” كما يقال عامةً.

-ذكرت سابقاً أنَّ العامل النفسي له دور في نجاح وفشل الشيف، فما السبب برأيك عندما تكون ربة المنزل على دراية كاملة بمكونات الطبخة وليست المرة الأولى التي تقدم على طهيها ولكن طعمها غير لذيذ كالسابق، فبعيداً عن العامل النفسي ماذا يكون السبب؟

أرى أنَّ السبب هو تجاهل قانون المكيال وعدم اتِّباعه، فلهذا السبب والدتي ووالدتك حتى الصبايا أيضاً عندما يطبخن رغم نفسهن اللذيذ لكن كونهن لا يتَّبعن نفس الطريقة ونفس درجة الحرارة ونفس التفاصيل فترين ذات الطبخة بنفس المكونات لكن الطعم مختلفٌ في كلِّ مرة.

-أنت كشيف “سمير كلور” هل راضٍ عمَّا وصلت إليه من شهرة ونجاح أم إنَّك تطمح للمزيد؟ وإلى أين هدفك أن تصل؟

أنا لم أصل لمرحلة الاحتراف، فأنا هاوٍ منذ ثلاث سنين أي إنِّي لا أعمل بالطبخ بشكل يومي، لست راضياً عن هذا القدر من الشهرة بالطبع، ولكنِّي سعيدٌ جداً أنَّ بصمتي أصبحت واضحةً للناس، وشغفي أصبح يصل للناس بشكل واضح جداً، ولكن بالتأكيد لدي الأفضل لأقدِّمه والقادم سيكون أفضل بكثير وطموحي لما بعد أكبر، وهدفي أن أوصل المطبخ الحلبي للمجتمع الغربي بأجمل صورة ممكنة، حدَّدت المطبخ الحلبي لأنَّني خرجت منه، ولكنِّي أقول لك المطبخ السوري بشكل عام وهدفي أن يكون لي اسم في عالم الطبخ الكبير جداً ولي بصمة أتميَّز بها.

-بكونك هاوٍ فبالتأكيد لديك العديد من الفجوات في بعض الأماكن، كيف تحاول ترميم تلك الفجوات؟ وكيف تحسِّن القدرات التي تمتلكها لتصل للأفضل؟
من خلال البحث المستمر عبر خلال الفيديوهات وعبر اليوتيوب ومشاهدة الأفلام، عندما أرى أكلةً معينةً أبحث عنها وأرى مَنْ يقوم بطهيها وأتأكد من أكثر من شيف، ثمَّ أجرِّبها أكثر من مرة لحين التمكُّن منها.

– بوقتنا الحالي السوشيال ميديا لها حيزٌ كبيرٌ في حياتنا وساعدت هواة كُثُر أن ينشهروا، كما كان لها أثر سلبي بأن جعلت الشخص على تماس مباشر مع الأصداء التي تتكوَّن حول ما يقدِّمه، فعندما يكون الصدى سلبياً يؤثِّر على نفسية الشخص أو يحبط إن صح القول، حضرتك ك”سمير كلور” على الصعيد الشخصي كيف خدمتك السوشيال ميديا؟ وهل كان لها أثر سلبي بمسيرتك؟

كلُّ شيء بالحياة له طرفٌ سلبيٌّ وطرفٌ إيجابيٌّ، الجميل بالسوشيال ميديا أنَّها تساعدك بكلِّ بساطة إذا كان لديك شيء بغضِّ النظر إن كان هادفاً أم لا فلكلٍّ شيء جمهوره فينتشر، كما لو أنَّك زرعت ناراً في الحقل، ولكن الطرف السلبي منها أن ناس لا تعرفينهم جالسين خلف شاشات الموبايل أو الكومبيوتر يقومون بزخ كم كبير من التعليقات دون رقيب أو حسيب، وأنا أكثر من مرة تأثَّرت نفسيَّاً عندما تقوم إحدى الصفحات بنشر معلومات عني وعن إنجازاتي فترين الناس يعلِّقون باستهزاء، فمنهم من يتنمَّر عليَّ ومنهم من يتنمَّر على طريقة طبخي، هذه الأشياء تؤثِّر طبعاً ولكن أنا شخصٌ متغرِّب منذ زمن وأعمل في مجال التسويق الإلكتروني فعملي وطبيعة حياتي وشخصيتي مبينةٌ على الثقة بالنفس، فهذا الموضوع ساعدني كثيراً ويساعدني حتى اليوم أن أتجاوز أيَّ شيء سلبي.

-كيف أثَّرت الغربة بنجاحك؟ وما الصعوبات التي واجهتك فيها؟

علَّمتني الاعتماد على النفس وزادت من ثقتي بنفسي، التجارب وخاصة الفشل الذي مررت به في الكثير من المراحل جعلتني أدرك كيف أتعامل مع المواقف السلبية، فالغربة تصنع منك شخصاً مختلفاً للأفضل طبعاً، أمَّا عن الصعوبات التي واجهتها في الغربة كانت البعد عن الأهل، وببداية الأزمة في سوريا كان هناك تضييق على السوريين وبالتالي شح العمل، فمثلي كمثل أي مغترب عن بلده يشعر أنَّه نبتةٌ مزروعةٌ بغير أرض مع العلم أنَّ بلد الإمارات بلدٌ محبٌّ جداً ويدعم الناس التي تأتي لتبحث عن لقمة عيشها ولكنَّها تبقى ليست أرضنا.

كلمة أخيرة من الشيف “سمير كلور” لشبابيك …
أتمنَّى لهذه المجلة كلَّ التوفيق يارب وأن يكبر اسمكم أكثر ويتوسَّع نطاقكم بشكل أكبر، وأشكركم على تقديركم لي ولهذه اللفتة الجميلة، وأتمنَّى التوفيق للجميع يارب ومنِّي لكم ألف محبة.

إعداد وحوار : حلا فطوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة | شركة سيو