فن ومشاهير

“كارمن توكمه جي” تكسر نمطيتها الكلاسيكية وتطلق أغنية جديدة بعنوان “جارة وجار”

“كارمن توكمه جي”

الموسيقى ميزان الوجود، ما صح وزنه دخل القلب والروح معاً

فإذا كتمت هواك زمان في الفؤاد، وإذا نقلت فؤادك حيث شئت من الهوى، فالابداع كله يختبئ في حنجرة المغنية المبدعة “كارمن توكمه جي” التي تأخذك بصوتها إلى هدوء الغيوم، وتعصف بك في خيالات السماء، بين الحنين والحب والفراق واللقاء، واليوم هي ضيفة مجلة “شبابيك” في حوار خاص لنتحدث معها عن الموسيقى الشرقية ونلقي الضوء على محطات من حياتها الفنية.

_ بداية “كارمن توكمه جي” أهلاً وسهلاً بك في مجلة “شبابيك ” ولنفتح معك الشباك الأول الذي سنرى من خلاله “كارمن”  بعيداً عن الفن، هواياتها، اهتماماتها، منزلها، عائلتها؟

إذا أردت أن أعرِّف نفسي بعيداً عن الفنّ، فإن ذلك صعب، كون الفنّ يستحوذ على جزء كبير من وقتي وحياتي ككل، لكن، أنا نشأت في منزل متواضع من أب وأم لطيفين وداعمين، كان الناس يرونني على أنني فتاة استثنائية، لكنني كنت أرى نفسي كأي فتاة عادية تملك الكثير من الأحلام والشغف تجاه أشياء معيّنة وتعمل لأجل الوصول إلى أحلامها، والديّ كانا داعمين بحيث أنهما لم يمتنعا عن تقديم كل ما بوسعهما وحتى ما يفوق طاقتهما من أجل دعمي، خاصة وأنني كنت في منتخب سوريا للسباحة وبحاجة للتدرب مرتين في اليوم، ولمدة ستة أيام في الأسبوع وأذكر كم كان صعباً بالنسبة لوالدي أن ينظم وقته من أجل إيصالي من وإلى المسبح قبل وبعد المدرسة، فالسباحة كانت جزء كبير من طفولتي، وهي التي ساعدتني لأضبط تفكيري، وبها تعلّمت أن لا شيء مستحيل فأنا استطعت أن أكون بطلة سوريا في السباحة وأسافر إلى حيث المسابقات ومع ذلك استطعت أن أحافظ على تفوقي الدراسي، فلم يكن مستحيلاً بالنسبة لي دراسة الموسيقا إلى جانب الصيدلة، لأنني قد جرّبت التركيز على أكثر من شيء واحد في طفولتي، لذلك لنشأتي دور كبير في حياتي الفنية ولو أنني كنت بعيدة عن الفن خلال تلك الفترة.

_ عادة ما نرى الأخوة يشاركون اللعب أو الشغب، كارمن وبرنارد يتشاركان الفن والموسيقا على المسرح، ما الذي يتشاركانه خلف الكواليس؟

علاقتي ببرنارد علاقة جميلة جداً على الرغم من فارق السن الكبير ما بيننا حوالي السبع سنوات، لكنني لم أتعامل معه يوماً على أنه مجرّد أخ لي، فهو صديق لي منذ الطفولة، وذلك لأنه يتمتع بمقدار من الوعي الذي كان كافياً لأن يكون صديقاً لمن هم أكبر سنّاً، بالإضافة لأنه تجمعنا اهتمامات مشتركة كثيرة، وكانت الموسيقا إحداها، فحين بدأت بدراسة الموسيقا كان هو لا يزال صغيراً في العمر لكنه أحب الموسيقا وكان مستمع جيّد ومع بدء دراستي للموسيقا تطوّرت القصة وبدأت بتعليمه العزف على الغيتار على الرغم من أنني كنت لا أزال أعتبر مبتدئة، ومع الوقت تفوق التلميذ على المعلم فصار هو عازف متمرّس وتفوّق عليّ في هذا المجال بسرعة، فصرت أتعلّم منه وأستفيد من خبرته، بالنتيجة نحن شركاء في العائلة وفي الموسيقا.

_ كيف توازن كارمن توكمه جي بين الغناء والعمل؟

عملي الحالي هو مدرّبة صوت، أعلّم تمارين صوت، اخترت هذا المجال لأنني لا أعتبره عمل، بل هو شيء ممتع بالنسبة لي، ولطالما كنت أشجع فكرة أن يعمل الإنسان ضمن مجال يحبّه كي لا يكون فرضاً عليه، على العكس سيؤديه بكل محبّة، كان باستطاعتي أن أعمل كصيدلانية وقد يكون ذلك مريحاً أكثر، لكنني اخترت أن أتبع شغفي، ولهذا السبب لا يجب عليّ أن أوفق بين الغناء والعمل لأنهما متوافقان، فغالباً ما أكون في التدريب وبعدها أشعر بالحماس للغناء، وبالتالي مع التدريب أجد أنني أتطور، فالعمل بهذا المجال جعل مني مغنية أفضل.

_ حدثينا عن الأغنية الجديدة “جارة وجار”، التي نجد فيها تعاون جديد مع الشاعر منيار العيسى؟

أغنية جارة وجار هي من أكثر الأعمال التي أشعر بالحماس لإطلاقها، كونها تختلف عن النمط الذي كنت أعتمده سابقاً، فغالباً كانت أعمالي مع برنارد باللغة الفصحى ونمط معيّن، فهذه ستكون المرة الأولى التي نتجه فيها نحو اللغة العامية، مع تغيير نوع الموسيقا أيضاً الذي سيكون “جاز” في هذا العمل، وهذا التعاون الأول لي مع الشاعر الموهوب منيار العيسى، ونحن نطمح لألّا يكون الأخير، بل هو بداية لأعمال قادمة.

 

_”ألست وعدتني” مزيج بين الماضي والحاضر، بين فيروز وكارمن، حدثينا عن هذا العمل؟

أغنية “ألست وعدتني” هي من الأغنيات التي كان من الصعب جداً العمل عليها، لأن كل شخص من فريق العمل يعيش في بلد، فأنا أقيم حالياً في دبي، وأما برنارد الذي ساعدني بالتلحين فهو في سوريا والموزِّع ناريك عبجيان وعازف الدودوك يعيشان في أرمينيا، فكان موضوع التواصل صعب جداً، ومع ذلك استطعنا تقديم عمل متجانس، وهي بالفعل حلقة تربط الحاضر بالماضي، فالشعر فيها يعبر عن الماضي وحتى الموسيقا نجد فيها نفحة قديمة، لكن تم تنفيذها بطريقة عصرية وبآلات موسيقية فيها طابع غربي، وهذا جعل منها مزيج مميزاً ما بين الشرقي والغربي.

_”نقّل فؤادك” تأتي كدعوة للتنقل بين كل ما تغنيه كارمن لأنه يلامس القلب والروح، والختام “ما الحبّ إلا للحبيب المخلص”، حدثينا عن هذا العمل؟

أغنية “نقّل فؤادك” هي من أقرب الأغاني لقلبي مع أنها قد لا تكون الأجمل أو الأكثر شهرة بين الجمهور، لكنها كانت نقلة بالنسبة لي، نقلتني من كارمن المغنية إلى كارمن مؤلفة الأغاني التي لها أغانٍ خاصّة بها، فكانت هذه أول أغنية خاصة بي، وأظهرت للجمهور النمط الذي أحبه وأحب أن أظهر به للجمهور، وهي أول عمل أقوم بتلحينه مع برنارد، فعندما يقوم المغني بتلحين أغنيته فمن المؤكد أن شخصيته ستظهر في الأغنية، وأما البيت الختامي فهو من كتابة الشاعر عمار ونوس، فجاء معبّراً عمّا أفكّر به وأصدّقه ولربّما لو كان من كتابتي لما كان بهذا الصدق، وهذا البيت أعطى المعنى النهائي للأغنية.

_كان لكارمن توكمه جي تجارب بالغناء الأوبرالي السوبرانو وبعدة لغات أجنبية، أين هذا الجانب الآن؟

خلال دراستي في المعهد العالي للموسيقا، كان تركيزي كبير على موضوع الغناء الأوبرالي كون تخصصي كان ضمن مجال الغناء الكلاسيكي، وأيضاً من ضمن الدراسة كان الغناء بلغات متعددة، وذلك ما جعلني أحب أن أودي الكثير من الأغنيات غير العربية، كالإنكليزية والفرنسيّة والإيطاليّة، أو لغة أخرى أجد فيها أغنية تشدّ سمعي.

في الوقت الحالي ابتعدت قليلاً عن الغناء الأوبرالي، والغناء بلغات أخرى بسبب انشغالي بالأعمال التي أقدمها، لكن في المستقبل سأعود إلى ذلك بالتأكيد.

 

_أوركيسترا أورفيوس والمايسترو أندريه معلولي، وليلتان في دار الأوبرا، ما شعور كارمن تجاه هذه التجربة؟

في العادة حين يكون لشخص حلم ما ويتمكن من الوصول إليه، قد يقلّل ذلك من أهمية الحلم، لكن وقوفي على مسرح دار الأوبرا هو حلم يتحقق وتزداد أهميته في كل مرة، فمنذ زمن طويل كان هذا حلمي، وحتى الآن في كل مرة أصعد فيها على هذا المسرح يتجدد الحلم، والأمسية الأخيرة كانت مميزة جداٍ بالنسبة لي خاصة أنني كنت مع أوركيسترا أورفيوس بقيادة المايسترو أندريه معلولي، الذي أُكنّ له ولطريقة عمله الكثير من الاحترام والتقدير، وفي هذه الأمسية قدّمت ثلاثاً من الأغنيات الخاصة بي، بالإضافة لأغاني الشارات التي غنّيتها سابقاً وغيرها، وهي المرة الأولى التي أقدم فيها أمسيتين غنائتين في يومين على التوالي، وقد نفدت البطاقات خلال وقت خيالي لا يتجاوز النصف ساعة، فهذا شيء جميل ومعه أشعر بمسؤولية أكبر تجاه الجمهور المخلص الذي هو “واسطتي” في هذه الحياة.

_ “كارمن توكمه جي تنثر عبق الياسمين الشامي في أوبرا دبي”

كم هو جميل وبنفس الوقت صعب أن تحملي اسم الشام في الخارج؟

كل مغنٍ أو موسيقي يحاول التعبير عمّا في قلبه من خلال موسيقاه أو أغانيه، وأجمل مديح يمكن أن أسمعه هو أن يقال “كارمن تنثر عبق الياسمين الشامي” بصوتها، لأنه بالفعل قلبي مرتبط بالشام، وهي ملهمتي الأولى، فكلّما حاولت البدء بكتابة أغنية أو لحن لا أستطيع أن أمنع نفسي من تخيُّل أنني في الشام، أمشي في شوارعها، وأجد نفسي أتكلم عن الشام وأصفها حتى لو لم أقصد ذلك، فإذا كنت أنثر عبق الياسمين الشامي بصوتي فهذا ما أتمناه دوماً.

 

_ التاريخ الحافل مع المايسترو إياد الريماوي، ونخصّ بالذكر “قلبي علينا” الأقرب إلى قلوب السوريين، ما الأقرب إلى قلب كارمن؟

تعاوني مع الأستاذ إياد الريماوي هو  مرحلة هامة جداً في حياتي الفنية و “سفّرني” و “قلبي علينا” من الأغاني التي شكّلت لديّ نقلة فنية وجماهيرية كبيرة، وإذا أردت أن أقول ما هو الأقرب إلى قلب كارمن، هو حين أكون على المسرح وأسمع الجمهور يؤدي الأغنية التي أغنيها، فأذكر في حفلة قلعة حلب حين سمعت الجمهور كلّه يغنّي “قلبي علينا” معي وأنا أكاد لا أصدّق أن صوتي وصل لكل هؤلاء الناس وحفظت الأغنية في أذهانهم بصوتي، وهذا مرجعه بالطبع إلى عبقرية الأستاذ إياد الريماوي صانع هذه الأغنية الخالدة.

_”يا معشر العشاق” يعتبر العمل الأحدث مع المايسترو إياد الريماوي، حدثينا عن جديدك.

“معشر العشّاق” كانت من آخر أعمالي مع الأستاذ إياد الريماوي، والآن كل أعمالي تصبّ في تطوير مشروعي الخاصّ، وتركيزي الآن على أغانٍ تحمل توقيعي، لأتمكن من تشكيل هوية فنيّة خاصّة بي، فالفترة القادمة ستكون في خدمة ذلك، ولا أمانع أن أكون جزء من مشروع أي فنان آخر في حال كان ذلك يشبهني ويلائم صوتي، لكن الأولوية الآن لمشاريعي وأغنياتي وحفلاتي الخاصة.

كلمة ختامية منك:

شكراً لعائلة شبابيك لاهتمامها بهذا النوع من الفن، شكراً لتسليطكم الضوء على هذا المكان في حين أن الأنظار في الوقت الحالي تتجه إلى مكان آخر، وأنتم اليوم تظهرون دعماً وتشجيعاً للفنانين أمثالي، أي الفنانين المستقلين الذين يعملون وحدهم دون شركة إنتاج، وهذا الدعم نحن بحاجة له.

اقرأ أيضاً “رابعة الزيات” برنامج شو القصة أثار الجدل كثيراً، والحب مع زاهي وهبي لا ينتهي
شبابيك _ ميشلين وهبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة | شركة سيو