منوعات

مرحباً يا صباح… دعني أخبرك هنا دمشق

 

 

“هنا دمشق” كلمة خرجت من صندوق صغير وكتبت ذكريات مع أجيال متتالية، بين سهرة ليلية مع أم كلثوم وصباح فيروز، كان لصوت العدالة حكم جمع السوريين على ذات الأثير.

 

خمسةٌ وسبعون عاماً على تأسيس أول إذاعة سورية، وثاني إذاعة على مستوى الوطن العربي، خمسةٌ وسبعون عاماً مشوار طويل وإذاعة شابة حاضرة دائماً.

إذاعة مرحباً ياصباح وحكم العدالة، ويوميات عائلية ومجلة العلوم، هي إذاعة سوريا التي تنطق بروح وهوى واسم دمشق لكل العالم العربي.

وبهذه المناسبة تحدثت مديرة إذاعة دمشق “إيمان الخطيب” لمجلة شبابيك: مايميز إذاعة دمشق أنها الإذاعة الأم، فهي أول إذاعة سورية وثاني إذاعة عربية بعد إذاعة القاهرة، وكانت على مدى سنواتها الخمسة والسبعون تعمل على تخريج مئات المذيعين والمعدين والفنيين والمخرجين، ومايميزها أيضاً أنها تنال ثقة مستمعيها ومصداقيتها، حيث أن هناك ثقة متبادلة بين إذاعة دمشق والمستمعين.

 

وتابعت “الخطيب” : كما أنها إذاعة الدولة وهي إذاعة الأسرة وتشمل كل فئات المجتمع، وبالتالي فمستمعيها مختلفون ومن فئات عمرية مختلفة وهذا ما جعلها متابعة وبشكل كبير، إضافة إلى أن برامجها شاملة منها خدمية وثقافية وتنموية ومنوعة، طبعاً من دون أن ننسى الأخبار السياسية والاقتصادية، أيضاً إذاعة دمشق حاولت ومنذ دخول التلفزيون إلى الساحة الإعلامية أن تستفيد من مميزات الراديو كوسيلة إعلامية، وأن تتوجه إلى جمهورها الذي يحب الراديو، من ربات البيوت والسائقين، وفي وقتنا الحالي واكبت إذاعة دمشق التطور التكنولوجي الكبير ودخول مواقع التواصل الإجتماعي، وأنشات صفحات لها على هذه المواقع لكي تكون حاضرة دائماً.

 

كما كشفت “الخطيب” بأن إذاعة دمشق تمتلك أرشيف إذاعي ضخم،

والنقطة الأهم أن إذاعة دمشق هي إذاعة الجمهورية العربية السورية، هي إذاعة الدولة وبالتالي هي تتحدث باسم الدولة، والاعتبارات هي اعتبارات وطنية ومعايير وطنية،

أما مايميزها عن الإذاعات السورية الأخرى أنها شاملة تخاطب جميع فئات المجتمع بكل مستوياته الفكرية والتعليمية، والهدف الذي نضعه نصب أعيننا هو التثقيف والتوعية والترفيه وزيادة الوعي.

 

وأضافت: لقد تركت  “إذاعة دمشق” أثراً وجدانياً وعاطفياً عميقاً لدى السوريين والعرب واستطاعت من خلال الأغاني الوطنية والأناشيد الحماسية والنشرات الإخبارية والتعليقات السياسية الساخنة من تكوين وعي سياسي لدى المواطن، ولأن إذاعة الجمهورية العربية السورية هي الأولى فقد صدّرت مئات المذيعين والمذيعات إلى العالم العربي ولاحقاً إلى التلفزيون الذي استقطب عشرات النجوم الإذاعيين، ولا تزال الإذاعة السورية مستمرة في تخريج أجيال جديدة من العاملين في المجال الإذاعي، كما كانت منطلقاً للعديد من نجوم الغناء العربي أمثال فيروز والرحابنة ووديع الصافي وعبد الحليم حافظ وغيرهم.

 

ونوهت “الخطيب” لا تزال إذاعة دمشق اليوم مصرة على الإهتمام بالدراما الإذاعية التي حققت رواجاً محلياً وعربياً ومنها مسلسل حكم العدالة الذي نال جوائز عدة وجماهيرية واسعة، لقد استطاعت خلال السنوات الأولى من تأسيسها أن تواكب الأحداث العامة في الوطن العربي والتعبير عن أحوال الناس ومعيشتهم، وطرح القضايا الإجتماعية بأسلوب طريف، فمن منا لا يذكر حكمت محسن وأنور البابا وتيسير السعدي وصبا المحمودي وفهد كعيكاتي و نهاد قلعي ودريد لحام وهدى شعراوي، وغيرهم كثر .

 

وعند سؤالنا لها، من الصعب أن نحصر كل مامر في إذاعة دمشق ولكن ماأ كثر شيء يتذكره السوريون ومازال في أذهانهم؟

فأجابتنا: من منا لا يتذكر كيف كانت إذاعة دمشق رفيقتنا في الصباح وحتى منتصف الليل، قبل التوجه الى مدارسنا كان البرنامج الصباحي “مرحبا يا صباح” يعطينا طاقة إيجابية مع أغاني فيروز، والكثير من العبر و الأقوال المأثورة والأشعار بصوت المذيعة المميزة نجاة الجم والمذيع منير الأحمد ابن بدوي الجبل، ولاحقا بصوت الراحلة فريال أحمد والاستاذ مخلص الاورار، وفي منتصف الليل يأتينا صوت المذيع والمخرج لاحقاً عادل خياطة من خلال برنامج “الشعر والليل و الموسيقى”، أما في رمضان فقد كان السوريون يتناولون طعام إفطارهم على صوت مروان شيخو من خلال برنامج تحية الإفطار بعد آذان المغرب مباشرة ودعاء الشيخ علي الجمّال ثم وصلة موشحات دينية يقدمها “توفيق المنجد” و”سليمان داوود” وفيما بعد انضم إليهم “حمزة شكور.”

ولا يمكن لأي من السوريين أن ينسى مسلسل حكم العدالة كل يوم ثلاثاء عند الساعة الواحدة والنصف ظهراً ويوم الجمعة ملاعبنا الخضراء

ويوميات عائلية من بطولة عصام عبه جي ووفاء موصلي، وقبله مسلسل صابر وصبرية للراحلين تيسير السعدي وصبا المحمودي، والتعليق السياسي ونشرة الأخبار بالموسيقى المميزة والتوقيت المميز الذي يختلف عن أي توقيت أخبار في العالم، فجميع الإذاعات تبث نشراتها ومواجيزها على رأس الساعة إلا إذاعة دمشق تبث مواجيزها و نشراتها الإخبارية عند الساعة والربع يعني ٧.١٥ و٩.١٥ وهكذا.

وبدوره تحدث الإعلامي في إذاعة دمشق “هاني هاشم” لمجلة شبابيك: بأن التلفزيون أصبح بطور الإلغاء في ظل وجود الإنترنت ومنصات السوشيال ميديا، بينما الراديو الذي هو أقدم من التلفزيون باقٍ وله احترامه وحضوره في دول كثيرة، ولكن في سورية تحديداً وبسبب ظروف الكهرباء جعل الناس تتجه إلى الراديو أكثر، وخاصةً أن الراديو يقدم الأغاني وبرامج التسلية، والشيء الأهم التفاعل مع الجمهور مما يحبذ الناس على المشاركة فيه دائماً، فهذا مايجعل الراديو محافظاً على هذا الولاء له.

 

وأوضح: أن متابعة الراديو مازالت جيدة رغم وجود بعض النقص، لكن يفترض علينا تحديث برامجنا وأساليبنا وذلك باستعمال وسائل متعددة لنصل إلى شرائح أكبر، ليبقى الراديو محافظاً على استمراريته وجماهيريته.

وأضاف في تصريحه: العمل في الراديو بالنسبة لي كمذيع هو شغف يحقق لي ذاتي ويصقل صوتي، ويجعلني أقرب من الناس أكثر وأتفاعل معهم خاصة في البرامج، فعندما نشتغل صحافة مكتوبة لا نكون بهذا القرب من الناس بالنسبة للراديو، وخاصة عند الظهور في برنامج ويتفاعل معنا الجمهور ويكلمنا، فهذا التفاعل لطيف وجميل جداً، ينعكس على الجهتين المرسل والمستقبل.

 

في الرابع من شباط عام ١٩٤٧، صدح صوت المذيع الأول في سورية الأمير يحيى الشهابي أحد مؤوسسي إذاعة دمشق، ليقول لأول مرة “هنا دمشق” معلناً بداية إرسال الإذاعة رسمياً،

فكان أول صوت يسمعه السوريون عبر الراديو، وباتت هذه العبارة علامة مميزة رافقت الإذاعة السورية العريقة، التي كانت انطلاقتها من بناء بسيط في شارع بغداد وسط العاصمة السورية، وبفريق فني صغير ومعدات بسيطة، واليوم تتربع ضمن مكعبها الأزرق في ساحة الأمويين.

 

وفي الذكرى الخامسة والسبعين لانطلاقتها لاتزال صرخة المذيع عبد الهادي بكار “من دمشق، هنا القاهرة” التي استهل بها النشرة الإخبارية حين توقف إرسال الإذاعة المصرية عن البث إبان العدوان الثلاثي، تصدح في ذاكرة المواقف الإنسانية.

 

كما احتضنت إذاعة دمشق عدد من الفنانين والملحنين والموسيقيين الأكثر شهرة من السوريين والعرب، وقدمتهم عبر أثيرها، وهنا شرعت أبوابها للفن الفيروزي وأنتجت لفيروز “عتاب” أغنية الشهرة الأولى، وبعدها نشأت العلاقة التاريخية بين فيروز والرحابنة مع دمشق، ولاتزال الإذاعة السورية محتفظة بكنز فيروزي عظيم يشغل حيزاً كبيراً من مساحة إرسالها ويطغى على برامجها حتى يومنا هذا.

 

وتبقى إذاعة دمشق بما قدمته من تاريخ طويل شاهدة على مسيرة من العطاء والالتزام على كافة المستويات، حيث تعد من أول وأهم الإذاعات العربية ولها مكانة كبيرة في الأذهان، فأحداث وذكريات وبرامج متعددة كانت ولاتزال حاضرة في عقول السوريين

هنا دمشق إذاعة الجمهورية العربية السورية.

 

إعداد : دينا ميشيل عساف

متابعة: رهف كمال عمار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة | شركة سيو