مقالات رأي

سقوط النجم وظهور الشهرة

مفهوم النجومية، لقد مرَّ مفهوم النجومية عبر العصور بتغيُّرات كثيرة ففي الحقيقة، فإنَّ لكلِّ زمن نجومه الإيجابيين والسلبيين الذين أرّخَ لهم التاريخ أو حتّى خلّدهم، من شعراء، وفلاسفة، وعلماء، وأطبَّاء، وكتّاب، وقادة عسكريين، وأنبياء، ومصلِّحين، وتجّار، ومكتشفين، ومخترعين، وروائيين، وكتّاب مسرح، وممثِّلين، وبنّائين، ومهندسين، وهنا يجدر الإشارة إلى أنَّ مفهوم النجومية قديماً كان يعني تقديم إنجاز يخدم البشرية جمعاء أو يغيّر تاريخ البشرية، هؤلاء النجوم ما زالوا ساطعين إلى يومنا هذا، ويمكن أن ننهل من علمهم لهذا الوقت رغم مرور آلاف السنين على رحيلهم، فإن أثرهم في البشرية جمعاء ما زال حاضراً، وعلى سبيل المثال “أديسون” الذي اخترع المصباح الكهربائي لازال نجماً يضيئنا لهذا الوقت وإلى آخر الزمان.

أمّا اليوم ومع اختلاف مفهوم النجومية وما يُروَّج له، فقد حصر الإعلام مفهوم النجومية بالممثِّل التلفزيوني أو السينمائي أو المغنّي أو المغنّية أو نجوم الرياضة، وهذا ممّا أدّى لتضيُّق مفهوم النجومية الذي بأساسه يعني القدوة فاليوم نرى “هوليود” تروِّج لنجم الأكشن الذي يتخطَّى كلَّ الصعوبات، ويقضي على الجميع ولا تنفذ طلقات مسدَّسه، والآخر يقبِّل حبيبته في ترويج فاضح لثقافة العنف والانتقام، ونجد في قصَّة شعر الممثّل أو الممثِّلة أو أزيائه أو ما يقول هو قدوة للشباب الجديد، وأصبح التشبُّه بهم شيئاً مفروضاً أو حالة من الاستلاب له وكأنَّه الأفضل ونحن المتشبِّهون، وهنا أسأل لماذا أغفل الإعلام قِدواتٍ مثل العلماء، والفلاسفة، والمخترعين الجدد؟، فنحن منذ سنين لم نعد نرى أو نسمع إلّا عن نجوم الغناء والتمثيل وماذا قالوا، وماذا لبسوا، وما أخبارهم العاطفية، وابتسامتهم وننظر إليهم على أنّهم السعداء حقاً، وهنا أعتقد أنَّ هذه عملية سلب لُبِّنا للشكل السطحي وإشغال بالنا بماذا لبستِ الفنّانة فلانة؟، وما لون فستانها؟، ونبتعد عن نجومنا الحقيقين قدواتنا الحقيقيين الذين يوصلوننا إلى برِّ الأمان.

من هنا الإشارة إلى أنَّ البشر قديماً كانوا يهتدون بالنجوم لدى سفرهم الطويل للتجارة أو الاكتشاف ومن هنا جاء مفهوم النجم أو النجوميه فهي بأساسها اهتداء بهذا النجم أو ذاك للوصول إلى المكان الصحيح.
يا ترى هل نجومنا اليوم الذي تطبِّل وتزمِّر لهم وسائل الإعلام سوف يوصلونا إلى المكان الصحيح.

أمّا عن هوس الشهرة الذي أصاب الكثير في هذه الأيّام، وخاصّةً فئة المراهقين، وعزَّز ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المستغرب أنَّ الشهرة هي الأهمِّ حتّٕى ولو كانت شهرة بفضيحة أو شهرة بأموال، ويعتبر الهوس بالشهرة من أمراض العصر، فلا بدَّ من التوعية لمخاطر هوس الشهرة الّتي تبدأ بالتأثُّر ببطل مسلسل أو فستان مغنّية.

راوية دياب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى