مقالات رأي

كي لا ننسى… الشهيد الإعلامي ثائر العجلاني

«”ثائر العجلاني” أيُّها الرّاحل دون غياب

سليلُ عرائشِ الياسمين، وعطر الوردة الدِّمشقية”»

بهاتَين الجملتين رَثَت والدة الثّائر بطلها مخاطبةً إيّاه:

«أيّها الرّاحل دون غياب».

 

_ هوَ “ثائِر شمس الدّين العجلاني” الذي حملَ من اسمهِ مَعناه، من مواليد “حيّ العمارة” في مدينة “دمشق” 8-3-1981.

 

الوَلد البكر لوالديه، والدهُ الكاتب والصحفي الرّاحل “شمس الدّين العجلاني”، عضو اتّحاد الصّحفيّين، ومدير المكتب الصّحفي بمجلس الشّعب سابقاً.

 

ووالدتهُ المهندسة “هدى الحمصي”، عضو مجلس الشّعب سابقاً، والسّفيرة في جمهورية “اليونان” حتّى 2012 بعد إغلاق السّفارة في “أثينا”.

متزوِّج وله ولدان “جاد وَتيم”.

 

_ بدأ “ثائر العجلاني” عمله بمجال الإعلان، فأسَّس شركةّ إعلانيّة كبيرة في “دمشق” وفي مجال الصّحافة بنشر المقالات في الصُّحف السوريّة والعربيّة.

 

في بداية الحرب أغلق شركته الإعلانيّة وتفرَّغ لتوثيق الحرب من خلال كاميرته.

 

عمل “ثائر العجلاني” مراسلاً حربيّاً لـ “التلفزيون السّوري، جريدة الوطن، إذاعة Sham FM، الـBBC اللبنانيّة” وغيرها من المواقع الإخباريّة.

 

_ قُلتُ لَه: «تَمَهَّل يا بُنَيّ»، فأجابَنِي: «ولماذا أسميتني ثائراً..!؟»

بهذه العبارة يلخِّص لنا الكاتب الرّاحل “شمس الدّين العجلانيّ” شجاعة ثائر وإقدامه، فهو العين التي كانت ترى وتوثِّق، والكَفُّ التي ما اهتزَّ قسمها يوماً على التّضحية في زمن أصبحت الحرب الإعلاميّة فيه توازي الحرب الميدانيّة، وأمَّا “ثائر العجلاني” فقد كان بطلَ كلِّ ميدان وعينه الصّادقة.

 

وأمّا “ثائر العجلاني” يا رفاق فهو الإنسان النّبيل الذي عاهد فصدق، والذي لا يمكنك أن تقرأ عن بطولاته دون أن تشعر بالأدرينالين يتدفّق في دورة دمِك.

 

_ “سماء ليل بلادنا، أسرارنا الطّليقة”.

وفي حضرة غياب الثّائر نقتبس من كلامه عبارة تحكي عن ليالي الحُلم كُتِبَت بقلم رَجُل حالِم، قالَ يوماً:

«منزل دافئ، صباح هادئ، فيروز ربّما (عندي ثقة فيك)، وقهوة، أحلام صغيرة مؤجّلة».

 

فبعيداً عن صوت الهاوِن، والرّشّاش، بعيداً عن صوت الانفجارات، بعيداً عن صوت الألم، حَلِمَ الثّائر بيوم يعلو فيه صوت السّلام فوق كلّ صخب.

 

 

ثائر العجلاني، رجُل كتَبَ للوَطن ولترابه عبارات الحُبِّ حَتّى مازجهما جَسده، فهو الذي قال:

«كم أستطيب هذا التُّراب، وكُلَّ ساكِنيه»، «لا أَجمَل من الحياة في هذه الأَرض، ولا قبر أرحم من هذا التُّراب فهو الفجر لنا».

 

_ وثّق “ثائر العجلاني” معارك “القلمون والغوطتين الشرقيّة والغربيّة، داريّا، جوبر، الدّخّانيّة، حمص، حلب”، كما اشتُهِر بتسلّله إلى مدينة “يبرود” أثناء سيطرة جبهة النّصرة عليها، حيث قام بتوثيق جوانب الحياة بتقرير نشرته أهم المحطّات العالميّة “CNN”.

 

كان “ثائر العجلاني” أوّل إعلامي يدخُل إلى المناطق السّاخنة لتوثيق المعارك، وأنتج مجموعة كبيرة من الأفلام الوثائقيّة عن الحرب:

«لَيل حبيبة، وجع حمص، على رصيف حلب».

 

-تعرّض ثائر العجلانيّ لثلاث إصابات إحداها على الهواء مباشرة في أثناء توثيقه معارك “القلمون”، وفقد السمع بأذنه اليسرى على إثرها.

 

-كبرت أحلام الثّائر الذي غنَّت لهُ الدّنيا “عندي ثقة فيك”، و أصبحت فضفاضة على خصر هذه الدّنيا، فاختار أن تعرُج روحه إلى الملأ الأعلى.

 

 

غادر “الثّائر” على صوت فيروز “وحدُن بيبقو متل زهر البيلسان”، شهيداً فجر يوم الاثنين 27-7-2015، في حي “جوبر” شرق “دمشق”، إثر إصابته بشظيّة قذيفة هاون استقرّت في صدره وأودَت بحياته.

 

“ثائر العجلاني” صاحب الذّكرى الخالدة في قلوبنا، ترك لنا وصيَّة غاليَّة نختم بها سجاياه الحميدة:

«الحرب يا صديقي دمار وانقِسام ودِماء، الحرب انقطاع ماء وكهرباء، وضيق بسبُل الحياة وغلاء، إيجابيّون نحن، ننظر لوطننا بعطف، وندافع عنه بشراسة، لكنّنا لن نندب أيّامنا، كُن مع الأرض يا صديقي، لا عليها».

بقلم الدكتورة “مايا معلا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى